للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فعلوا، ثم حكى معاتبة موسى لهارون على سكوته على بني إسرائيل، وهو يراهم يعبدون العجل، ثم ذكر أنه اعتذر له، ولكنه لم يقبل معذرته، ثم قص علينا ما قاله السامري، وما أنَّبه به موسى، وما عاقبه الله به في الدنيا والآخرة، وما صنعه موسى بالعجل من نسفه وإلقائه في البحر، ثم بيَّن لهم أن الإله الحق هو الذي يحيط علمه بما في السموات والأرض، لا ذاك الجماد الذي لا يضر ولا ينفع، ولا يرد جوابًا، ولا يسمع خطابًا.

قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (١) لما شرح قصص موسى - عليه السلام - مع فرعون أولًا، ثم مع السامري ثانيا، على نمط بديع، وأسلوب قديم .. بين لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن مثل هذا القصص عن الأمم الماضية، والقرون الغابرة، كعاد وثمود وأصحاب الأيكة، نلقيه إليك تسليةً لقلبك، وإذهابًا لحزنك، إذ به تعرف ما حدث للرسل من قبلك، من شدائد الأهوال، وتذكيرًا للمستبصرين في دينهم، وتأكيدًا للحجة على من عاند وكابر من غيرهم.

قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى (٢) حال يوم القيامة، وما يكون فيه من الأهوال، التي تجعل المجرمين يتخافتون في حديثهم، وينسون مقدار لبثهم في الدنيا، ويحشرون زرق الوجوه والأبدان، إلى نحو أولئك مما سلف .. قفَّى على ذلك بذكر سؤال من لم يؤمن بالحشر عن الجبال وأحوالها في ذلك اليوم، ثم الإجابة عنه، وضم إلى الجواب أمورًا أخر، تشرح شؤون هذا اليوم وأهواله، فبيَّن أن الأرض في ذلك اليوم تكون مستوية، ولا ارتفاع فيها ولا انخفاض، وأن الناس يسرعون إلى إجابة الداعي، ولا يُسمع لهم كلام إلا همس، ولا تنفعهم شفاعة الشافعين، إلا إذا أذن لهم الرحمن، ورضي للمشفوع له قولًا، ثم ذكر أن الله هو العلم بما أصابوا من خير أو شر، وهم لا يحيطون به علمًا، وفي ذلك


(١) المراغي.
(٢) المراغي.