للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بكاء أهل الدنيا إلى بكاء داود - لكان بكاؤه أكثر، ولو جُمع ذلك إلى بكاء نوح - لكان بكاؤه أكثر، ولو جُمع ذلك كله إلى بكاء آدم على خطيئته .. لكان أكثر".

ومعنى الآية (١): أي ثم اصطفاه ربه من بعد معصيته، ورزقه التوبة والعمل بما يرضيه حين قال هو وزوجته: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

فصل في بيان عصمة الأنبياء وما قيل في ذلك

قال الإِمام فخر الدين الرازي: اختلف (٢) الناس في عصمة الأنبياء، وضبط القول فيها يرجع إلى أقسام أربعة:

أحدهما: ما يقع في باب الاعتقاد، وهو اعتقاد الكفر والضلال، فإن ذلك غير جائز عليهم.

الثاني: ما يتعلق بالتبليغ فقط: اجتمعت الأمة على كونهم معصومين عن الكذب، مواظبين على التبليغ والتحريض، وإلا لارتفع الوثوق بالأداء، واتفقوا على أن ذلك لا يجوز وقوعه منهم عمدًا ولا سهوًا، ومن الناس من جوَّز ذلك سهوًا، قالوا: لأن الاحتراز عنه غير ممكن.

الثالث: ما يتعلق بالفتيا، فأجمعوا على أنه لا يجوز خطؤهم فيها على سبيل العمد، وأجازه بعضهم على سبيل السهو.

الرابع: ما يقع في أفعالهم:

فقد اختلفت الأمة فيه على خمسة أقوال:

أحدها: قول من جوّز عليهم الكبائر.

الثاني: قول من منع من الكبائر، وجوّز الصغائر على جهة العمد، وهو قول أكثر المعتزلة.


(١) المراغي.
(٢) الخازن.