للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المناسبة

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمّا قدّ الكلام في دلائل التوحيد (١)، والنبوة والمعاد، أتبع ذلك بثلاثة عشر نبيًا غير مراعٍ في ذكرهم الترتيب الزماني، وذكر بعض ما نال كثيرًا منهم من الابتلاء، كل ذلك تسليةً للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وليتأسى بهم فيما جرى عليه من قومه.

قوله تعالى: {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الكفرة، لما أقروا (٢) على أنفسهم، بأن لا فائدة في آلهتهم، قامت لإبراهيم الحجة عليهم، فوبّخهم على عبادة ما لا يضر ولا ينفع، إذ هذا مما لا ينبغي لعاقل، أن يقدم عليه، وبعد أن دحضت حجتهم، وبان عجزهم، انقلبوا إلى العناد واستعمال القوة الحسية، إذ أعيتهم الحجة، فقالوا: حرّقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم التي جعلها جذاذًا، ولكن الله سلّمه من كيدهم، وجعل النار بردًا وسلامًا عليه.

قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (٧١) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لمّا ذكر ما أكرم به إبراهيم، من نجاته من النار، قفّى على ذلك، ببيان أنه أخرجه من بين قومه مهاجرًا إلى بلاد الشام، وهي الأرض المباركة، ثم وهب له من الذرية إسحاق وابنه يعقوب - عليهما السلام -، وكانا أهل صلاح وتقوى يقتدى بهما، ويؤتمر بأمرهما، ثم أردف ذلك، بذكر ما آتى لوطًا من العلم والنبوة، وجعله يعزف عن مفاسد تلك القرية، التي كان يقيم فيها بين ظهراني أهلها، وقد أهلكهم جميعًا وأنجاه هو وأهله، وأدخله في جنات النعيم، وقرّبه إلى حظيرة قدسه وساحة رحمته.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.