للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كلاهما عن هشام {نكّسوا} بالتشديد. وقرىء {نَكَسُوا} بالبناء للفاعل مع التخفيف؛ أي: نكسوا أنفسهم على رؤوسهم، وهي قراءة رضوان بن عبد المعبود، أي: لقد بلغ الأمر بهم، إلى أن قالوا: إنما اتخذناهم آلهة، مع علمنا بأنهم لا ينطقون ولا يتكلمون، فكيف تأمرنا بسؤالهم، وإنما قال: {يَنْطِقُونَ}، ولم يقل: يسمعون أو يعقلون مع أن السؤال موقوف على السمع والعقل أيضًا، من قبل أن نتيجة السؤال الجواب، وأن عدم نطقهم أبلغ في تبكيتهم

٦٦ - فـ {قَالَ} إبراهيم مبكتًا لهم وموبخًا {أ} تعلمون ذلك {فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه؛ أي: حال كونكم متجاوزين عبادته تعالى، فالهمزة للاستفهام التوبيخي التبكيتي المضمّن للإنكار، داخلة على محذوف، والفاء: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير أتعلمون عدم نطقها، فتعبدون من دون الله {مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ}؛ أي: فتعبدون من دون الله معبودات، لا تنفعكم شيئًا من النفع إن عبدتموها، فتعلقوا رجاءكم بها، ولا تضركم شيئًا من الضرر إن لم تعبدوها فتخافوها، فإن العلم بالحالة المنافية للألوهية، مما يوجب الاجتناب عن عبادتها قطعًا

٦٧ - {أُفٍّ لَكُمْ}؛ أي؛ تبًا ونتنًا لكم {وَ} قبحًا {لِمَا تَعْبُدُونَ} {مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه، أي: لمعبوداتكم التي اتخذتموها من دون الله. واللام (١) لبيان المتضجر لأجله؛ أي: هذا التأفف لكم ولآلهتكم، لا لغيركم. وعائد الموصول محذوف كما قدَّرناه، وهذا تضجر منه - عليه السلام -، من إصرارهم على الباطل البيِّن. و {أُفٍّ} صوت التضجر، إذا صوت بها الإنسان علم أنه متضجّر، ومعناه: قبحًا ونتنًا. وفي كتب النحو، من أسماء الأفعال {أُفٍّ} بمعنى أتضجر. والهمزة في قوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} للاستفهام التوبيخي الإنكاري، داخلة على محذوف، والفاء: عاطفة على ذلك، والتقدير: أجننتم، فلا تعقلون قبح صنيعكم؛ أي: أليس لكم عقل تعقلون به، أنَّ هذه الأصنام لا تستحق العبادة.

والمعنى: أي (٢) أفلا تتدبرون ما أنتم فيه، من الضلال والكفر، الذي لا يروج إلا على جاهل فاجر، وأنتم الشيوخ الذين بلوا الزمان حلوه ومره، وحنَّكتهم


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.