للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخلاصة ما سلف (١): أن أيوب ابتلي في نفسه وولده وماله، فابتلي بالمرض وهلاك الأولاد وضياع الأموال امتحانا منه تعالى، واختبارًا له، ثم كشف عنه ما به من ضر، فشفي من أمراضه التي أصيب بها، وأنجب من الأولاد ضعف ما كان، وحسن حاله في ماله، فزال ما به من عدم وإقتار، ولم يصرح القرآن الكريم بما صار إليه من سعة في المال كما صرح بما صار إليه أمره من كثرة الولد.

وما روى من مقدار ما لحقه من الضر في نفسه، حتى وصل إلى حد النفرة منه، وأن الناس جميعًا تحاشوه، وطردوه من مقامه إلى ظاهر المدينة في موضع الكناسة، ولم يكن يتصل به إلَّا امرأته التي تذهب إليه بالزاد والقوت .. فكل ذلك من الإسرائيليات التي يجب الاعتقاد بكذبها (٢)؛ لأنه ليس لها من سند صحيح يؤيدها، ولأن من شروط النبوة أن لا يكون في النبي من الأمراض والأسقام ما ينفر الناس منه، ولأنه متى كان كذلك، لا يستطيع الاتصال بهم وتبليغ الشرائع والأحكام إليهم، وسيأتي لهذا مزيد إيضاح في سورة ص.

٨٥ - ولما ذكر الله سبحانه، أمر أيوب وصبره على البلاء، أتبعه بذكر هؤلاء الأنبياء، الذين سيذكرهم؛ لأنهم صبروا على المحن والشدائد والعبادة أيضًا فقال: (و) اذكر {إِسْمَاعِيلَ} بن إبراهيم عليهما السلام، ومعناه: مطيع الله؛ أي: اذكر قصته لقومك، وعاش إسماعيل مئة وثلاثين سنة، وكان له، حين مات أبوه تسع وثمانون سنة، وأخوه إسحاق ولد بعده بأربع عشرة سنة، وعاش مئة وثمانين سنة، اهـ من "التحبير". {وَإِدْرِيسَ} بن شيث بن آدم، واسمه أخنوخ، قال بعضهم: سمّي به لكثرة دراسته، هو جد نوح، ولد في حياة آدم قبل موته بمئة سنة، وبعث بعد موته بمئتي سنة، وعاش بعد نبوته مئة وخمسين سنة، فتكون


(١) المراغي.
(٢) بالنسبة للإسرائيليات قال ابن كثير: لا تصدق ولا تكذب. انظر "تفسيره" (١/ ١٧٢، ١٧٣)، و"تاريخه" (١/ ٨) وانظر أيضًا "المسجد الحرام" (١٦٥ - ١٧٥) للدكتور وصي الله عباس ومحمد أبو الليث، وأرجو الاطلاع على ما كتبه أستاذنا محمد محمد أبو شهبة رحمه الله في كتابه "الإسرائيليات" فتجدون أن ذلك الحكم ... حكمتم به على الإسرائيليات اطلاقه وإنما هو مقيد.