للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أنهم نالوا من الله ما نالوا بسبب اتصافهم بهذه الخصال الحميدة، فليفعل من أراد الإجابة إلى مطلوبه مثل ما فعلوا، وليتخلق بتلك الأخلاق.

وخلاصة معنى الآيات: أي واذكر خبر زكريا حين طلب أن يهبه الله ولدا يكون من بعده نبيًا، فقال خفية عن قومه: "رب لا تدعني وحيدًا، لا ولد لي، ولا وارث يقوم بعدي في النادي، فإن لم ترزقني من يرثني فلا أبالي فإنك خير وارث" فأجبنا سؤله، ووهبنا له يحيى، وأصلحنا له زوجة بأن أزلنا عنها الموانع التي كانت تمنعها من الولادة، فولدت له بعد أن كانت عقيمًا، ثم ذكر السبب في إجابة مطلبهم، فقال: إنهم كانوا أي لأن زكريا وزوجه ويحيى كانوا يسارعون في طاعتنا، والعمل بما يقربهم إلينا حال كونهم يدعوننا، ويعبدوننا رغبة منهم فيما يرجون من رحمتنا وفضلنا، وخوفاً من عذابنا وعقابنا، وكانوا لنا متواضعين متذللين، لا يستكبرون عن عبادتنا ودعائنا.

وقرأ ابن مسعود وابن محيصن (١): {يدعونا} بحذف نون الرفع. وطلحة بنون مشددة، أدغم نون الرفع في "نا" ضمير النصب. وقرأ ابن وثاب والأعمش ووهيب بن عمرو النحوي وهارون وأبو معمر الأصمعي واللؤلؤي ويونس وأبو زيد سبعتهم عن أبي عمرو {رَغَبًا وَرَهَبًا} بالفتح وإسكان الهاء، والأشهر عن الأعمش بضمتين فيهما. وقرأت فرقة بضم الراءين وسكون الغين والهاء.

٩١ - {وَ} اذكر يا محمد {الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}؛ أي: قصة مريم بنت عمران، التي أحصنت فرجها إحصاناً كليًا، وحفظته حفظًا تامًا من أن يصل إليه أحد من الرجال بحلال أو حرام جميعًا كما قالت: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}، وجاء في سورة التحريم: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}.

{فَنَفَخْنَا} الروح في عيسى، وأحييناه حالة كونه كائنًا {فِيهَا}؛ أي: في جوفها وبطنها، فهو (٢) حال من المفعول المحذوف {مِنْ} جهة {رُوحِنَا} جبريل الأمين وبواسطته؛ أي؛ أمرنا جبريل حتى نفخ في جيب درعها، فخلقنا


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.