للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنبات نفعًا للحيوان، مع أن الله لا يحتاج لذلك، ولا ينتفع به.

الثالث: تسخير ما في الأرض؛ أي: ذلل لكم ما فيها كالحجر والحديد، والنار لما يراد منها، والحيوان للأكل والركوب، والحمل عليه، والنظر إليه.

الرابع: تسخير الفلك بالماء والرياح، فلولا أن الله سخرها لكانت تغوص أو تقف.

الخامس: إمساك السماء؛ لأن النعم المتقدمة لا تكمل إلا به، والسماء جرم ثقيل، وما كان كذلك، لا بد له من السقوط، لولا مانع يمنع منه، وهو القدرة. فأمسكها الله بقدرته لئلا تقع فتبطل النعم التي أمتن بها علينا.

سادسها: الإحياء ثم الإماتة ثم الإحياء، نبه بهذا على أن هذه النعم لمن أحياه الله، فنبه بالإحياء الأول على إنعامه في الدنيا بكل ما تقدم، ونبه بالإماتة والإحياء ثانيًا على إنعامه علينا في الآخرة. ولما فصل تعالى هذه النعم، قال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ}؛ أي: لهذه النعم. اهـ. من "الرازي".

والمعنى: أي ألم تبصر، أو ألم تعلم أيها الرائي، أن الله تعالى ينزل من السماء مطرًا فيحيي به الأرض، فتنبت ضروبًا مختلفة من النبات، بديعة الألوان، والأشكال، ذات خضرة سندسية، تبهر العين بحسن منظرها، وبديع تنسيقها. ثم ذكر ما هو كالدليل على ذلك، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ}: يصل علمه إلى كل دقيق، وجليل. وقيل: لطيف بأرزاق عباده. وقيل: لطيف باستخراج النبات. {خَبِيرٌ}؛ أي: ذو خبرة بتدبير عباده، وما يصلح لهم. وقيل: خبير بما ينطوون عليه من القنوط واليأس عند تأخير المطر، وقيل: خبير بحاجتهم وفاقتهم.

ونحو الآية قوله تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.

٦٤ - {لَهُ} سبحانه وتعالى لا لغيره. {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}؛ أي:


(١) الفخر الرازي.