للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣٣ - {وَقَالَ الْمَلَأُ}؛ أي: الأشراف والقادة {مِنْ قَوْمِهِ}؛ أي: من قوم هود، ثم وصف الملأ بالكفر والتكذيب فقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا} بالله ورسوله {وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ}؛ أي: كذبوا بلقاء ما في الآخرة من الحساب والثواب والعقاب، أو كذبوا بالمصير إلى الآخرة بالبعث، وصفهم بالكفر ذمًا لهم؛ أي: قال الأشراف الكافرون المكذبون من قومه.

فائدة: وقال هنا (١): {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالواو دون الفاء كما قال في قصة نوح: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}؛ لأن كلا منهم هنا لم يتصل بكلام الرسول، ومعناه: أنه اجتمع في الحصول ذلك القول الحق، وهذا القول الباطل، وشتان ما بينهما.

وقال أبو حيان (٢): وجاء هنا: {وَقَالَ الْمَلَأُ} بالواو، وفي الأعراف وسورة هود في قصته، بغير واو، قصد في الواو العطف على ما قاله؛ أي: اجتمع قوله الذي هو الحق، وقولهم الذي هو باطل، كانه إخبار بتباين الحالين، والتي بغير واو قصد به الاستئناف، وكأنه جواب لسؤال مقدر؛ أي: فما كان قولهم له، قال: قالوا: كيت وكيت. اهـ.

وقال في "برهان القرآن" (٣): قدم {مِنْ قَوْمِهِ} في هذه الآية، وأخّر فيما قبلها؛ لأن صلة الذين فيما قبل اقتصرت على فعل وضمير الفاعلين، ثم ذكر بعهده الجار والمجرور، ثم الفاعل، ثم المفعول، وهو المقول، وليس كذلك هذه الآية، فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة أخرى، فقدم الجار والمجرور؛ لأن تأخيره ملبس وتوسطه ركيك، فخص بالتقديم. اهـ.

وقوله: {أَتْرَفْنَاهُمْ} معطوف على الصلة؛ أي: نعمناهم ووسعنا عليهم. {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بكثرة الأموال والأولاد؛ أي: قالوا لأعقابهم مضلين لهم، {مَا هَذَا}؛ أي: هود {إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}؛ أي: مماثل لكم في الصفات


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) برهان القرآن.