للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يدعيه بقولهم: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ} والهمزة للاستفهام الإنكاري، والجملة مستأنفة، مسوقة لتقدير ما قبلها من تقبيح اتباعهم له. وقرىء بكسر الميم، من (مِتم) من مات يمات، كخاف يخاف. وقرىء بضمها من مات يموت كقال يقول؛ أي: أيخبركم أنكم، إذا قبضت أرواحكم {وَكُنْتُمْ تُرَابًا}؛ أي: وصارت أجسامكم ترابًا، {وَعِظَامًا}؛ أي: وصار بعض أجزائكم ترابًا، وبعضها عظامًا نخرة مجردةً لا لحم فيها ولا أعصاب عليها. {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} من قبوركم أحياءً كما كنتم، و (أنكم) الثانية لا عمل لها؛ لأنها تكيد لفظي لأنكم الأولى أكد بها لما طال الفصل بين اسم الأولى وهو: الكاف، وبين خبرها وهو: {مخرجون}، والظرف متعلق بـ {مُخْرَجُون}. وتقديم التراب لكونه أبعد في عقولهم.

وقيل المعنى: كان متقدموكم ترابًا ومتأخروكم عظامًا. وفي "روح البيان" الظاهر أن مرادهم، بيان صيرورتهم عظامًا ثم ترابًا؛ لأن الواو لمطلق الجمع. اهـ.

والمعنى (١): أي أيعدكم أنكم مخرجون من قبوركم أحياءً، كما كنتم أولًا إذا متم، وكنتم ترابًا في القبور، بعد أن تذهب لحومكم وتبقى عظامكم،

٣٦ - {هَيْهَاتَ}: اسم فعل ماض بمعنى بعد، {هَيْهَاتَ} توكيد لفظي للأولى، واللام في قوله: {لِمَا تُوعَدُونَ} زائدة في الفاعل؛ أي: بعد عن القول ما توعدون، وتخبرون به أيها القوم من أنكم بعد موتكم ومصيركم ترابًا وعظامًا تخرجون من قبوركم للبعث والحساب، ثم الجزاء على ما تعملون.

وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي (٢): {هيهات هيهات} بفتح التاء فيهما في الوصل، وإسكانها في الوقف، وهي لغة أهل الحجاز، وقرأ أبيّ بن كعب وأبو مجلز وهارون عن أبي عمرو "هيهاتًا هيهاتًا" بالفتح والتنوين. ونسبها ابن عطية لخالد ابن إلياس. وقرأ ابن مسعود وعاصم الجحدري وأبو حيوة الحضرمي وابن السميقع: {هيهات هيهات} بالضم


(١) المراغي.
(٢) زاد المسير والبحر المحيط.