للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكتاب ما لم يأت آباءهم الأولين، حتى استبعدوه فوقعوا في الكفر والضلال، يعني أن مجيء الكتب من جهته تعالى إلى الرسل سنة قديمة له تعالى، لا يكاد يتسنى إنكارها وأن مجيء القرآن على طريقته، فمن أين ينكرونه؟.

والخلاصة (١): أي أم اعتقدوا أن مجيء الرسل أمر لم تسبق به السنن من قبلهم، فاستبعدوا وقوعه، لكنهم قد عرفوا بالتواتر أن الرسل كانت تترى، وتظهر على أيديهم المعجزات، فهلا كان ذلك داعيًا لهم إلى التصديق بهذا الرسول الذي جاء بذلك الكتاب الذي لا ريب فيه.

وقيل المعنى (٢): أم جاءهم من الأمن من عذاب الله ما لم يأت آباءهم الأولين، كإسماعيل ومن بعده.

الثالث:

٦٩ - ما ذكره بقوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} إضراب وانتقال من التوبيخ، بما تقدم إلى التوبيخ بوجه آخر. والهمزة لإنكار الوقوع أيضًا؛ أي: بل ألم يعرفوه - صلى الله عليه وسلم - بالأمانة والصدق وحسن الأخلاق وكمال العلم، مع عدم التعليم من أحد؛ إلى غير ذلك من صفات الأنبياء. {فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ}؛ أي: جاحدون بنبوته، ومعلوم أنهم قد عرفوه بذلك. فحيث انتفى عدم معرفتهم بشأنه عليه السلام، ظهر بطلان إنكارهم؛ لأنه مترتب عليه.

والخلاصة: أي (٣) أم أنهم لم يعرفوا رسولهم بأمانته وصدقه وجميل خصاله قبل أن يدعي النبوة، كلا إنهم لقد عرفوه بكل فضيلة وشهر لديهم باسم (الأمين). فكيف ينكرون رسالته، ولقد قال جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - للنجاشي: إن الله بعث فينا رسولًا نعرف نسبه، ونعرف صدقه وأمانته. وكذلك قال أبو سفيان لملك الروم حين سأله وأصحابه عن نسبه وصدقه وأمانته، وقد كانوا بعد كفارًا لم يسلموا.

والرابع:

٧٠ - ما ذكره بقوله: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ} وهذا أيضًا (٤) انتقال من


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.
(٤) روح البيان.