للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأعوانه. ورب للقسم، كما فى "الكبير". واستعان باللهِ أولًا، ثم بهم كما فى "الأسئلة المقحمة".

١٠٠ - وقوله: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} قبله حذف، تقديره: ثم إنه سبحانه يقول له: إلى أي شيء نردك، أتذهب إلى جمع المال، أو غرس الغراس، أو بناء البنيان، أو شق الأنهار؛ فيقول ذلك الكافر: لعلي أعمل صالحًا فيما تركت؛ أي: لكي أصير عند الرجعة مؤديًا لحق الله تعالى فيما قصرت فيه.

فيقول الجبار جل جلاله: {كَلَّا} ردع وزجر له، عن طلب الرجعة، واستبعاد لها؛ أي: ليرتدع عما يقول، وينزجر، فإنه لا يرد إلى الدنيا أبدًا {إِنَّهَا}؛ أي: قولة: رب ارجعون {كَلِمَةٌ} الكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضه مع بعض. {هُوَ}؛ أي: ذلك الأحد {قَائِلُهَا} عند الموت لا محالة لتسلط الحزن عليه، ولكنه لا يجاب لها, ولا تفيده، وليس الأمر على ما يظنه، من أنه يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا، أو المعنى: أنه لو أجيب إلى ذلك، لما حصل منه الوفاء، كما فى قوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}. قال القرطبي: سؤال الرجعة غير مختص بالكافر؛ أي: بل يعم المؤمن المقصر.

وروي: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضي الله عنها -: "إذا عاين المؤمن الملائكة .. قالوا: نرجعك إلى دار الدنيا، فيقول إلى دار الهموم والأحزان، لا بل قدومًا على الله تعالى، وأما الكافر فيقال له: نرجعك، فيقول: ارجعون، فيقال له: إلى أي شيء ترغب؟ إلى جمع المال؟ أو غرس الغراس؟ أو بناء البنيان؟ أو شق الأنهار؟ فيقول: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} فيقول الجبار {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} ".

والمعنى: أي (١) ولا يزال الكافر يجترح السيئات، ولا يبالي بما يأتي وما يذر، من الآثام والأوزار، حتى إذا جاءه الموت، وعاين ما هو قادم عليه من عذاب الله .. ندم على ما فات، وأسف على ما فرط فى جنب الله، وقال: رب


(١) المراغي.