للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختلف فى معنى الآية (١)، فقال الضحاك ومجاهد وابن زيد: حاجز بين الموت والبعث. وقال الكلبي: هو الأجل ما بين النفختين، وبينهما أربعون سنة، وقال السدي: هو الأجل، و {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} هو يوم القيامة.

١٠١ - {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} لقيام الساعة، وهي النفخة الثانية، التي عندها البعث والنشور. والنفخ: نفخ الريح فى الشيء. والصور مثل قرن ينفخ فيه. فيجعل الله ذلك سببًا لعود الأرواح إلى أجسادها، وقيل المعنى: فإذا نفخ فى الأجساد أرواحها، على أن الصور جمع صورة لا القرن، ويدل على هذا قراءة (٢) ابن عباس والحسن وابن عياض {الصُّوَر} بفتح الواو مع ضم الصاد جمع صورة. وقرأ أبو رزين بكسر الصاد وفتح الواو، وكذا قوله: {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} وجمع فعلة بضم الفاء على فعل بكسر الفاء شاذ.

{فَلَا أَنْسَابَ} تنفعهم {بَيْنَهُمْ}؛ أي: بين الخلائق، {يوم إذِ}؛ أي: يوم إذ نفخ فى الصور، كما بينهم اليوم لزوال التراحم والتعاطف، من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة، بحيث يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، أو لا أنساب يفتخرون بها. والنسب: القرابة بين اثنين فصاعدًا؛ أي: اشتراك من جهة أحد الأبوين. وذلك ضربان: نسب بالطول، كالاشتراك بين الآباء والأبناء، ونسب بالعرض، كالنسب بين الأخوة وبني الأعمام. {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}؛ أي: لا يسأل بعضهم بعضًا، فلا يقول له: من أنت، ومن أي قبيلة ونسب أنت، ونحو ذلك؛ لاشتغال كل منهم بنفسه؛ لشدة الهول، فلا يتعارفون ولا يتساءلون، كما أنه إذا عظم إلاَّمر فى الدنيا .. لم يتعرف الوالد لولده.

وقرأ عبد الله (٣): {ولا يسألون} بتشديد السين، أدغم التاء فى السين، إذ أصله يتساءلون. والمعنى؛ أى (٤): فإذا أَعيدت الأرواح إلى الأجساد حين البعث والنشور، لا تنفعهم الأنساب؛ لأن التعاطف يزول والود يختفي لاستيلاء؛


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.
(٤) المراغي.