للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي "بحر العلوم": أي لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول، لما أجبتم بهذه المدة، وفي "المراح": لو كنتم تعلمون أن لبثكم فى الآخرة لا نهاية له .. لأصلحتم أعمالكم فى الدنيا, ولتقربتم بها إلى الله تعالى.

وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر (١): {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ}. وقرأ حمزة والكسائي {قل إن لبثتم} على معنى: قل أيها السائل عن لبثهم. وزعموا أن فى مصحف أهل الكوفة {قل} فى الموضعين. فقرأهما حمزة والكسائي على ما فى مصاحفهم.

وحاصل معنى الآية (٢): أنه قد نسي هؤلاء الأشقياء مدة لبثهم فى الدنيا، لعظيم ما هم فيه من النبلاء والعذاب، وقصر عندهم الأمد الذي مكثوه فيها ما حل بهم من نعمة الله، حتى حسبوا أنهم لم يمكثوا إلا يومًا أو بعض يوم، ولعل بعضهم يكون قد أقام بها الزمان الطويل والسنين الكثير.

{فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}؛ أي: فأسأل الحفظة العارفين لأعمال العباد وأعمارهم. كما روي ذلك جماعة عن مجاهد {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أي: قال لهم الملك: ما لبثتم إلا زمنًا يسيرًا، ولو كنتم تعلمون شيئًا من العلم، لعملتم على مقتضى ذلك، ولما صدر منكم ما أوجب خلودكم فى النار، ولما قلنا لكم: اخسئوا فيها ولا تكلمون.

روي مرفوعًا: "أن الله تعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قال: يا أهل الجنة كم لبثتم فى الأرض عدد سنين؟ قالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم، قال: لنعم ما أنجزتم فى يوم أو بعض يوم، رحمتي ورضواني وجنتي، امكثوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول: يا أهل النار، كم لبثتم فى الأرض عدد سنين؛ قالوا: لبثنا يومًا، أو بعض يوم، فيقول: بئسما أنجزتم فى يوم أو بعض يوم ناري وسخطي، امكثوا فيها خالدين مخلدين".


(١) زاد المسير.
(٢) المراغي.