للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأس عليه في النظر إلى شعور محارمه, وصدورهن، وأيديهن، وأعضائهن، وسوقهن وأرجلهن وكذا لا بأس عليه في النظر من أمة الغير حال عرضها للبيع، ومن الحرة الأجنبية إلى وجهها وكفيها وقدميها. في رواية القدم بخلاف المستثنى من الفرج فإنه شيء نادر قليل، وهو فرج زوجته وأمته. فلذلك أطلق لفظ الفرج، ولم يقيد بما استثنى منه لقلته، وقيد غضّ البصر بحرف التبعيض.

والمعنى (١): {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}؛ أي: قل أيها الرسول للمؤمنين، كفوا أبصاركم عما حرم الله عليكم، ولا تنظروا إلا إلى ما يباح لكم النظر إليه، فإن وقع البصر على محرم من غير قصد، فليصرفوا أبصارهم عنه سريعًا. كما رواه مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. وروى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة". كما مر. وفي "الصحيح" عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والجلوس على الطرقات". قالوا: يا رسول الله، لا بدّ لنا من مجالسنا نتحدث فيها. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أبيتم فاعطوا الطريق حقه". قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: "غضّ البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".

والحكمة في ذلك (٢): أن في غض البصر سدًا لباب الشر، ومنعًا لارتكاب المآثم والذنوب. ولله در أحمد شوقي حيث يقول:

نَظْرَةٌ فَابْتِسَامَة فَسَلاَمُ ... فَكَلاَمٌ فَمَوْعِدٌ فَلِقَاءُ

{وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} بمنعها من عمل الفاحشة، أو بحفظها من أن أحدًا ينظر إليها. وقد جاء في الحديث: "احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك".


(١) المراغي.
(٢) المراغي.