للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال المفسرون: إن (١) نساء الجاهلية، كن يسدلن خمرهن من خلفهن، وكانت جيوبهن من قدام واسعة، فكانت تنكشف نحورهن وقلائدهن فنهين عن ذلك، وأمرن أن يضربن مقانعهن على الجيوب، لتستر بذلك ما كان يبدو. قالت عائشة - رضي الله عنها -: رحم الله النساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن فاختمرن بها.

وفي لفظ الضرب مبالغة في الإلقاء الذي هو الإلصاق. والخمر جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها. والجيوب: جمع جيب، وهو موضع القطع من الدرع والقميص، مأخوذ من الجوب وهو القطع، وهذا هو معناه الحقيقي، الذي فسر به الجمهور. وقال مقاتل: إن معنى على جيوبهن: على صدورهن، فيكون في الآية مضاف محذوف؛ أي: على مواضع جيوبهن.

وقرأ الجمهور (٢): {وَلْيَضْرِبْنَ} بإسكان اللام التي للأمر. وقرأ عياش عن أبي عمرو: بكسرها على الأصل؛ لأن أصل لام الأمر الكسر، ورويت هذه القراءة عن ابن عباس. وقرأ الجمهور: {بِخُمُرِهِنَّ} بتحريك الميم، وقرأ طلحة بن مصرف: بسكونها. وقرأ الجمهور: {جُيُوبِهِنَّ} بضم الجيم. وقرأ ابن كثير وبعض الكوفيين: بكسرها. وكثير من متقدمي النحويين لا يجوَّزون هذه القراءة. وقال الزجاج: يجوز أن يبدل من الضمة كسرة. فأما ما روي عن حمزة من الجميع بين الضم والكسر فمحال، لا يقدر أحد أن ينطق به إلا على الإيماء.

ثم كرر سبحانه النهي عن إبداء الزينة لأجل ما سيذكره من الاستثناء، فقال: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}؛ أي: ولا يظهرن زينتهن الخفية المنهية عن إبدائها للأجانب، كالسوار والدملج والوشاح والقرط ونحوها، فضلًا عن إبداء مواقعها. كرره لبيان من يحل له الإبداء، ومن لا يحل له.

وفي "الخطيب": ولا يبدين زينتهن؛ أي: الزينة الخفية التي لم يبح لهن كشفها في الصلاة ولا للأجانب. وهي ما عدا الوجه والكفين. اهـ.


(١) الشوكاني.
(٢) الشوكاني والبحر المحيط.