للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اختصاص ذلك بالمؤمنات. وقال الإِمام: قول السلف محمول على الاستحباب. والمذهب أن امراد بقوله: أو نسائهن، جميع النساء.

{أَوْ} إلا لـ {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} من الإماء، أما العبيد (١) فقد اختلفوا فيهم، فقال قوم: عبد المرأة محرم لها. فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفًا، وله أن ينظر إلى مولاته إلا ما بين السرة والركبة كالمحارم. وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة. وقد روي أنَّ عائشة كانت تمتشط وعبدها ينظر إليها. وقال قوم: هو كالأجنبي معها. وهو رأي ابن مسعود والحسن وابن سيرين. ومن ثم قالوا: لا ينظر العبد إلى شعر مولاته، فهو بمنزلة الأجنبي منها، خصيًا كان أو فحلًا. وهو قول أبي حنيفة. وعليه عامة العلماء، فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وإن جاز رؤيته إياها إذا وجد الأمن من الشهوة.

وقال ابن الشيخ (٢): فإن قيل: ما الفائدة في تخصيص الإماء بالذكر بعد قوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}؟ فالجواب - والله أعلم - أنه تعالى لما قال: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} دل ذلك على أن المرأة لا يحل لها أن تبدي زينتها للكافرات، سواء كن حرائر أو إماءً لغيرها أو لنفسها، فلما قال: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} مطلقًا؛ أي: مؤمنات كن أو مشركات، علم أنه يحل للأمة أن تنظر إلى زينة سيدتها مسلمةً كانت الأمة أو كافرة، لما في كشف مواضع الزينة الباطنة لأمتها الكافرة في أحوال استخدامها إياها من الضرورة التي لا تخفى. ففارقت الحرة الكافرة بذلك.

{أَوِ} إلا لـ {التَّابِعِينَ} الذين يتبعون القوم إلى بيوتهم، ليصيبوا من فضل طعامهم لا غرض ولا همة لهم إلا ذلك. {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} والحاجة إلى النساء حالة كونهم {مِنَ الرِّجَالِ} الذين طعنوا في السن، ففنيت شهواتهم إذا كانوا معهن غضوا أبصارهم. وقيل (٣): المراد بغير أولي الإربة من الرجال الحمقى الذين لا حاجة لهم في النساء. وقيل: العنين. وقيل: الخصي - من قطع خصيتاه -،


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.