للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أي ارجعوا أيها المؤمنون إلى طاعة الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، من غض البصر وحفظ الفرج، وترك دخول بيوت غيركم بلا استئذان ولا تسليم، تفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة. وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه كل يوم مئة مرة".

ومن شرط التوبة (١): الإقلاع عن الذنب، والندم على ما مضى، والعزم على أن لا يعود إليه. ورد الحقوق إلى أهلها. لا كما يظن الناس الآن، أنها كلمة تلاك باللسان، دون أن يكون لها أثر في القلب ولا عزم على عدم العود، حتى إن كثيرًا ممن يزعمون أنهم تابوا من الذنب يحكون ما فعلوه من الآثام على وجه الفخر والاستلذاذ بذكره، وهذا دليل على أنهم كاذبون في توبتهم، مراؤون في أفعالهم.

والجمهور (٢) على فتح الهاء، وإثبات ألفٍ بعد الهاء في {أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} وهي ها، التي للتنبيه. وقرأ ابن عامر: {أيه المؤمنون} هنا، و {يا أيه الساحر} في الزخرف. و {أيه الثقلان} في الرحمن بضم الهاء وصلًا، وإذا وقف سكن. ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف، فلما سقطت الألف لالتقاء الساكنين استثقلت الفتحة على الهاء، فاتبعت حركتها حركة ما قبلها، فضمت الهاء إتباعًا للرسم، وضم ها، التي للتنبيه بعد أي لغة لبني مالك وهي شقيق ابن سلمة وقد رسمت هذه المواضع الثلاثة دون ألف، فوقف أبو عمرو والكسائي بألف. والباقون بدونها اتباعًا للرسم، ولموافقة الخط للفظ. وثبتت في غير هذه المواضع، حملًا لها على الأصل نحو {يا أيها الناس}، {يا أيها الذين آمنوا}. وبالجملة فالرسم سنة متبعة. اهـ. "سمين".

وقال بعضهم: إن الله (٣) سبحانه وتعالى طالب المؤمنين جميعًا في هذه


(١) المراغي.
(٢) الفتوحات والبحر المحيط.
(٣) روح البيان.