للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالنصرة والإعزاز، ويبدلهم من بعد خوفهم من العدو أمنًا، فيعبدون الله وحده، وهم آمنون. ومن جحد هذه النعم من بعد ذلك .. فقد عصى ربه، وكفر أنعمه.

قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) بشر المؤمنين بأنه سيمكن لهم في الأرض، ويجعل لهم من بعد الخوف أمنًا .. أردف ذلك بأمرهم، بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة شكرًا له، على ما أنعم به عليهم. وإحسانًا إلى عباه البائسين الفقراء، كما أحسن إليهم بتبديل ذلهم عزةً، وضعفم قوةً. ثم أعقبه برفع استبعاد تحقق الوعد السابق، مع كثرة عددهم وعُددهم، وبعدئذ ذكر أن مآلهم إلى النار وبئس القرار.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن أبي حاتم من مرسل الحسن، قال: كان الرجل إذا كان بينه وبين الرجل الآخر منازعة، فدعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محق أذعن وعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيقضي له بالحق، وإذا أراد أن يظلم فدعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض. فقال: "انطلق إلى فلان"، فأنزل الله {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} الآية.

قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ...} الآية، سبب (٢) نزول هذه الآية: ما أخرجه الحاكم بسنده، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة، وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح، ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: ترون أنا نعيش حتي نكون آمنين مطمئنين، لا نخاف إلا الله، فنزلت: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} إلى قوله: {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ} يعني بالنعمة {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} هذا حديث صحيح الإسناد لم


(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.