للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ} التبديل جعل الشيء مكان آخر، وهو أعم من العوض، فإن العوض هو أن يصير لك الثاني بإعطاء الأول، والتبديل يقال: للتغير وإن لم تأت ببدله.

{أَمْنًا} وأصل الأمن طمأنينة النفس، وزوال الخوف. {وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي: المرجع. يقال: صار إلى كذا؛ أي: انتهى إليه. ومنه صير الباب لمصيره الذي ينتهي إليه في تنقله وتحركه.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: ذكر الخاص بعد العام في قوله: {وَالطَّيْرُ} بعد قوله: {يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في جملة ما في الأرض لعدم استقرارها فيها قرار ما فيها؛ لأنها تكون بين السماء والأرض.

ومنها: فن العنوان في قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} الآية. وهو فن انفرد به القليل من علماء البيان، ويسمونه فن العنوان، وعرفوه بأنه أن يأخذ المتكلم في غرض له من وصف، أو فخر، أو مدح، أو عتاب، أو هجاء، أو غير ذلك من الفنون، ثم يأتي لقصد تكميله وتوكيده، بأمثلة من ألفاظ، تكون عنوانات لأخبار متقدمة، وقصص سالفة، ومنه نوع عظيم جدًّا، وهو ما يكون عنوانًا للعلوم، وذلك أن تذكر في الكلام ألفاظ تكون مفاتيح العلوم، ومداخل لها، والآية التي نحن بصددها، فيها عنوان العلم المعروف بالآثار العلوية، والجغرافيا الرياضية وعلم الفلك.

ومنها: الطباق في قوله: {يصيب} وقوله: {يصرفه}.

ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} إذ ليس المراد التقليب المادي للأشياء الذاتية، وإنما استعير لتعاقب الليل والنهار.

ومنها: الجناس التام في قوله: {يَذْهَبُ بِالْأَبْصَار}، {لِأُولِي الْأَبْصَارِ}