للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذين أمروا بالاستئذان من غير استثناء.

وذكر الله (١) سبحانه في هذه الآية حكم الأطفال إذا بلغوا, ولم يذكر حكم ما ملكت أيماننا، مع أن ما قبلها فيه ذكر المماليك والأطفال؛ لأن حكم ما ملكت اليمين واحد، كبارهم وصغارهم، وهو الاستئذان في الساعات الثلاث التي ذكرت في الآية قبل فقط. وقرأ الحسن {الحلْم} بسكون اللام فحذف الضمة لثقلها. كما مر.

ثم أكد نعمه عليهم ببيان أحكام دينهم بقوله: {كَذَلِكَ}؛ أي: كما بين لكم ما ذكر غاية البيان {يُبَيِّنُ} الله سبحانه وتعالى {لَكُمُ} أيها المؤمنون {الْآيَاتِ}؛ أي: آيات أحكامه مما فيه سعادتكم في دنياكم وآخرتكم. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَلِيمٌ} بأحوال خلقه ظواهرها وبواطنها، فيجازيهم عليها. {حَكِيمٌ} فيما دبره وشرعه لهم. كرره للتأكيد والمبالغة في الأمر بالاستئذان.

فائدة: فإن قلت: قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} الآية. ختم (٢) هذه الآية بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ} بالإضافة إلى ضميره. وختم ما قبلها وما بعدها بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} بالتعريف بأل، فما الفرق بينها، وبينهما؟

قلت: الفرق أن ما قبلها وما بعدها يشتملان على علامات يمكننا الوقوف عليها. وهي في الأولى: {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} وفي الأخيرة: {مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ} الآية. فختم الآيتين بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} وأما بلوغ الأطفال، فلم يذكر له علامات يمكننا الوقوف عليها، بل تفرد تعالى بعلمه بذلك، فخصها بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ} بالإضافة إليه. اهـ. "فتح الرحمن".

٦٠ - ولما بين سبحانه، حكم الحجاب، حين إقبال الشباب، أتبعه بحكمه حين إدباره، فقال: {وَالْقَوَاعِدُ} مبتدأ. جمع قاعد بلا هاء، ليدل حذفها على أنه قعود


(١) المراغي.
(٢) فتح الرحمن.