للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المشركون إطلاق الرحمن على الله فاسأل عنه؛ أي: عن إطلاقه على الله خبيرًا من أهل الكتاب يخبرك؛ ليعرفوا؛ أي المشركون، مجيء ما يرادفه في كتبهم؛ أي: أهل الكتاب، وعلى هذا يجوز أن يكون {الرَّحْمَنُ}: مبتدأ، والخبر ما بعده، والسؤال كما يعدى بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالباء؛ لتضمنه معنى الاعتناء.

قال ابن جرير: يجوز أن تكون الباء في {بِهِ} زائدة، والضمير للرحمن، و {خَبِيرًا} حال من الضمير؛ أي: فاسأل الرحمن عما ذكر من الخلق والاستواء حال كونه خبيرًا بما ذكر. وقال الشوكاني: وأقرب هذه الوجوه الأول. وفي الصاوي: قوله: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} {بِهِ}: متعلق بـ {خَبِيرًا}، قدم (١) لرعاية الفاصلة، والمعنى: اسأل يا محمد خبيرًا بصفاته تعالى، وليس خبيرًا بصفاته إلا هو سبحانه وتعالى. ويصح أن يكون الجار والمجرور متعلقًا بـ {اسأل}، والباء بمعنى عن، والمعنى: اسأل عنه خبيرًا؛ أي: عالمًا بصفاته يطلعك على ما خفي عليك، والخبير حينئذ يختلف باختلاف السائل، فإن كان السائل النبي - صلى الله عليه وسلم - فالخبير هو الله تعالى، وإن كان السائل أصحابه فالخبير هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان السائل التابعين فالخبير هو الصحابة، وإن كان السائل العوام فالخبير هو العلماء، والمعنى: فاسأل يا محمد، أو فاسأل أيها الإنسان.

وخلاصة ذلك (٢): توكلوا على من لا يموت؛ وهو رب كل شيء، وخالقه وخالق السموات السبع على ارتفاعها واتساعها، وما فيها من عوالم لا يعلم كنهها إلا هو، وخالق الأرضين السبع على ذلك الوضع البديع في ستة أيام، ثم استوى على العرش، يدبر الأمر ويقضي الحق {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}؛ أي: فاسأل عن خلق ما ذكر خبيرًا به يخبرك بحقيقته، وهو الله سبحانه؛ لأنه لا يعلم تفاصيل تلك المخلوقات إلا هو، فالأيام التي تم فيها الخلق إنما هي أطوار ستة، سار عليها طورًا بعد طور، وحالًا بعد حال، كما يرشد إلى ذلك قوله: {وَإِنَّ يَوْمًا


(١) الصاوي.
(٢) المراغي.