للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ}، ليظهر الحق ويزهق الباطل على رؤوس الأشهاد، ويشيع ذلك في الأقطار، واختاره فرعون أيضًا، ليظهر كذب موسى بمحضر الجمع العظيم، فكان ما كان.

٣٩ - {وَقِيلَ} من طرف فرعون {لِلنَّاسِ}؛ أي: لأهل مصر وغيرهم ممن يمكن حضوره {هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ} لتنظروا ما يفعل الفريقان، ولمن تكون له الغلبة، وليس المراد بـ {هَلْ} حقيقة الاستفهام بقرينة عدم الجواب، بل المراد بالاستفهام الحث على المبادرة إلى الاجتماع والترجي للغلبة، لا لاتباع السحرة؛ لأنه مقطوع به. والمعنى؛ أي (١): احضروا لتشاهدوا ما يكون من الجانبين {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ} في دينهم {إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} لموسى، لا لموسى؛ أي: فإنا نرجو أن تكون الغلبة للسحرة، فنتبعهم في دينهم، لا نتبع موسى. قال ابن جرير: {لعل} هنا بمعنى كي. والمراد (٢) باتباع السحرة في دينهم: هو البقاء على ما كانوا عليه؛ لأن دين السحرة إذ ذاك هو دينهم، والمقصود المخالفة لما دعاهم إليه موسى. وقيل (٣): أرادوا بالسحرة موسى وهارون، وقالوا ذلك على طريقة الاستهزاء.

والمعنى: {فَجُمِعَ السَّحَرَةُ ...} إلخ؛ أي (٤): إن الملأ بعد أن أشاروا على فرعون بتأخير البت في أمر موسى، وبأن من الخير له أن يجمع السحرة؛ ليظهر عند حضورهم فساد قوله .. رضي بما أشاروا به واستقروا عليه، وأحب أن تقع المناظرة في يوم عيد لهم؛ لتكون بمحضر الجمّ الغفير من الناس، ويتم الله نوره، ويظهر الحق على الباطل بلطفه وفضله {وَقِيلَ لِلنَّاسِ} حثًا لهم على المبادرة إلى الاجتماع، ومشاهدة ما يكون من الجانبين {هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ} في ذلك الميقات لتروا ما سيكون في ذلك اليوم المشهود، وكان ذلك ثقة من فرعون بالظهور، وقد طلب أن يكون بمجمع من الناس؛ لئلا يؤمن بموسى أحد منهم، فوقع من موسى الموقع الذي يريده؛ لأنه يعلم أن حجة الله هي الغالبة، وحجة الكافرين هي


(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) الخازن.
(٤) المراغي.