للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إسرائيل غنمهم وبقرهم وعجينهم قبل أن يختمر، ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم على أكتافهم، وفعللوا ما أمرهم به الرب، فارتحلوا من رَعْمَسِيس إلى سكوت، وكانوا ست مئة ألف ماشٍ من الرجال ما عدا الأولاد، وخبزوا العجين الذي أخرجوه من مصر خبز ملة، فطيرًا، اهـ.

وكانت (١) إقامة بني إسرائيل في مصر (٤٣٠) سنة، وليلة الخروج هي عيد الفصح عندهم إلى الأبد، فلما أسرى بهم موسى، وأخبر فرعون بما صنعوا أرسل في مدائن مصر رجالًا من حرسه ليجمعوا الجند، فيتبعوهم ويردوهم إلى مصر، ويعذبوهم أشد التعذيب على ما فعلوا، ثم قوى فرعون جنده في اقتفاء آثارهم بأمور:

١ - {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤)} فيسهل اقتفاؤهم وإرجاعهم، وكبح جماحهم في الزمن الوجيز.

٢ - {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) أي: وإنهم بين آونة وأخرى يصدر منهم ما يخل بالأمن, فيحدثون الشغب والاضطراب في البلاد، إلى أنهم ذهبوا بأموالنا التي استعاروها.

٣ - {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (٥٦) أي: وإن لنا أن نحذر عاقبة أمرهم قبل أن يستفحل خطبهم، ويصعب رأب صدعهم، ونحن قوم من دأبنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور.

وخلاصة مقاله: أنّ هؤلاء عدد لا يعبأ به، وأن في مقدورنا أن نبيدهم بأهون الوسائل، ولا خوف منهم إذا نحن اتبعنا آثارهم، ورددناهم على أعقابهم خاسئين، حتى لا يعودوا كرة أخرى إلى الإخلال بالأمن والهرج والمرج والاضطراب في البلاد، وهذا ما يقتضيه الحزم واليقظة في الأمور.

والذي نقول به ونجزم: أن بني إسرائيل كانوا أقل من جند فرعون، لكنا لا


(١) المراغي.