للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أرسلت به إليكم {مِنْ أَجْرٍ}؛ أي: أجرًا وجعلا {إِنْ أَجْرِيَ}؛ أي: ما أجر تبليغي وثواب دعوتي {إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} فإنه الذي أرسلني، فالأجر عليه، بل هو الآجر لعباده الخلّص.

والمعنى: أي (١) كذبت ثمود أخاهم صالحًا حين قال لهم: ألا تتقون عقاب الله على معصيتكم إياه، وخلافكم أمره بطاعتكم أمر المفسدين في الأرض، إني لكم رسول من عند الله، أرسلني إليكم بتحذيركم عقوبته، أمين على رسالته التي أرسلها معي إليكم فاتقوه وأطيعوني، وما أسألكم على نصحي وإنذاري جزاء ولا ثوابًا، ما جزائي إلَّا على رب السموات والأرض وما بينهما.

١٤٦ - ثم خاطب قومه واعظًا لهم، ومحذّرًا نقم الله أن تحل بهم، ومذكرًا بأنعمه عليهم فيما آتاهم من الأرزاق الدارّة، والجنات والعيون، والزروع والثمرات، والأمن من المحذورات، فقال: {أَتُتْرَكُونَ} الاستفهام (٢) فيه للإنكار والتوبيخ؛ أي: أتظنون أن تتركوا {فِي}؛ أي: في النعم التي أعطاكم الله سبحانه {مَا هَاهُنَا}؛ أي: في هذه الدار الدنيا حالة كونكم {آمِنِينَ} من الموت والعذاب، باقين في الدنيا، وأن لا دار للمجازاة؛ أي: لا تظنوا ذلك فإنكم لا تتركون فيها، ولا بد من المجازاة؛ أي: لا ينبغي لكم أن تعتقدوا أنكم تتقلبون في النعم التي في دياركم هذه آمنين من الزوال والعذاب، فلا تطمعوا في ذلك.

١٤٧ - ثم فسّر ذلك المكان بقوله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}؛ أي: أتتركون في بساتين يانعة وأنهار جارية

١٤٨ - {وَزُرُوعٍ} زاهرة {وَنَخْلٍ} ناضرة {طَلْعُهَا هَضِيمٌ}؛ أي: لطيف ليّن في جسمه، والطلع ثمر النخل في أول ما يطلع، وبعده يسمى خلالًا، ثم بلحًا، ثم بسرًا، ثم رطبًا، ثم تمرًا. وأفرد النخل مع دخولها في أشجار الجنات؛ لفضلها على سائر الأشجار، وقد خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام ولكن لا أصل له.

والمعنى: أي لا تظنوا أنكم تتركون في دياركم آمنين متمتعين بالجنات


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.