للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعيون والزروع والثمار اليانعة، وأن لا دار للجزاء على العمل، بل عليكم أن تتذكروا أن ما أنتم فيه من نعم وأمن من عدو لن يدوم، وأنكم عائدون إلى ربكم مجازون على أعمالكم خيرها وشرها.

١٤٩ - وقوله: {وَتَنْحِتُونَ} معطوف (١) على {تتركون} فهو في حيّز الاستفهام التوبيخي، ومحل التوبيخ الحال؛ وهي قوله: {فَارِهِينَ}؛ أي: وهل تنحتون وتبرون {مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} ومساكن حاله كونكم {فَارِهِينَ} بالألف؛ أي: ماهرين وحاذقين في نحتها وبرايتها. وقرىء {فرهين} بلا ألف، كما سيأتي لاحقًا؛ أي: فرحين مرحين بطرين. فهو على الأول من {فَرُه} بالضم فراهة إذا مهر في العمل وحذق، وعلى الثاني من {فره} بالكسر فرهًا إذا فرح ومرح.

وفي "الكرخي" في سورة الأعراف: وإنما كانوا ينحتون بيوتًا في الجبال لطول أعمارهم، فإن السقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم. وفي "الخطيب" في سورة هود: وكان الواحد منهم يعيش ثلاث مئة سنة إلى ألف سنة، وكذا كان قوم هود. اهـ.

واعلم: أن (٢) ظاهر هذه الآيات يدل على أن الغالب على قوم هود هو اللذات الخيالية؛ وهو طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد والتجبر، والغالب على قوم صالح هو اللذات الحسية؛ وهو طلب المأكول والمشروب والمساكن الطيبة، وكل هذه اللذات من لذات أهل الدنيا الغافلين، وفوقها لذات أهل العقبى المتيقظين؛ وهي اللذات القلبية من المعارف والعلوم، وما يوصل إليها من التواضع والوقار والتجرد والاصطبار

١٥٠ - {فَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوا عقابه في مخالفتي {وَأَطِيعُونِ} ـي فيما أمرتكم به.

والمعنى (٣): أي وهل تتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبطرًا من غير حاجة إلى سكناها مع الجدّ والاهتمام في بنائها، فاتقوا الله، وأقبلوا على


(١) الفتوحات.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.