للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخطاب فأكثروا في الجواب.

والمعنى: أي إنك بشر مثلنا، فكيف أوحي إليك دوننا، كما حكي عنهم في آية أخرى: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦)}.

روي: أن (١) صالحًا عليه السلام قال لهم: أي آية تريدون؟ قالوا: نريد ناقة عشراء - الحامل في عشرة أشهر - تخرج من هذه الصخرة، فتلد سقبا، فأخذ صالح يتفكر، فقال له جبريل: صل ركعتين وسل ربك الناقة، ففعل، فخرجت الناقة وبركت بين أيديهم، ونتجت سقبًا مثلها في العظم. وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: رأينا مبركها فإذا هو ستون ذراعًا في ستين ذراعًا.

١٥٥ - فـ {قَالَ} لهم صالح: {هَذِهِ} البهيمة التي خرجت من الصخرة {نَاقَةٌ} دالة على نبوتي، أخرجها ربي من الصخرة كما اقترحتم {لَهَا شِرْبٌ}؛ أي: حظ ونصيب من الماء، تشرب منه يومًا كالسقي للحظ من السقي {وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}؛ أي: ولكم نصيب وحظ من الماء، تشربون منه يومًا، فاقتصروا على شربكم، ولا تزاحموا على شربها، بل تشربون من لبنها فإن فيه كفاية لكم. قال قتادة: إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله، ولا تشرب في يومهم ماء.

وقرأ الجمهور: {شِرْبُ} في الموضعين بكسر الشين، وقرأ ابن أبي عبلة بالضم فيهما.

١٥٦ - {وَلَا تَمَسُّوهَا}؛ أي: ولا تمسوا هذه الناقة {بِسُوءٍ}؛ أي: بضرر كضرب وعقر {فَيَأْخُذَكُمْ}؛ أي: فيحل بكم {عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ}؛ أي: شديد عذابه، فعظم اليوم بالنسبة إلى عظم ما حل فيه، وهو هاهنا صيحة جبريل.

١٥٧ - ثم حكى عنهم أنهم خالفوا أمر نبيهم، فقال: {فَعَقَرُوهَا}؛ أي: قتلوها بطعنة السهم وضربة السيف. وأسند (٢) العقر إلى كلهم مع أن العاقر بعضهم


(١) المراح.
(٢) روح البيان.