للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكتب في المصحف {علموا} بواو بين الميم والألف. قيل على لغة من يميل ألف علموا إلى الواو، كما كتبوا الصلوة والزكوة والربوا على تلك اللغة.

والمعنى: أي (١) أغفل أهل مكة عن الإيمان, وليس بكاف لهم شهادة على صدقه أن العلماء من بني إسرائيل نصوا على أن مواضع من التوراة والإنجيل فيها ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بصفته ونعته، وقد كان مشركوا قريش يذهبون إليهم ويتعرفون منهم هذا الخبر.

١٩٨ - وبعد أن أثبت بالدليلين السالفين نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - .. ذكر أن هؤلاء المشركين لا تنفعهم الدلائل ولا تجديهم البراهين، فقال: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ}؛ أي: نزلنا هذا القرآن، كما هو بنظمه المعجب المعجز {عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية، جمع أعجمي بالتخفيف، ولذا جمع جمع السلامة، ولو كان جمع أعجم لما جمع بالواو والنون؛ لأن مؤنث أعجم عجماء، وأفعل فعلاء لا يجمع جمع السلامة.

١٩٩ - {فَقَرَأَهُ}؛ أي: فقرأ ذلك الأعجمي القرآن {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على مشركي مكة قراءة صحيحة خارقة للعادات {مَا كَانُوا}؛ أي: ما كان أهل مكة {بِهِ}؛ أي: بهذا القرآن {مُؤْمِنِينَ} مع انضمام إعجاز القراءة من الرجل الأعجمي للكلام العربي إلى إعجاز القرآن المقروء لفرط عنادهم، وشدة شكيمتهم في المكابرة.

وقيل المعنى (٢): ولو نزلناه على بعض الأعجمين بلغة العجم، فقرأه عليهم بلغته .. لم يؤمنوا به، وقالوا: ما نفقه هذا ولا نفهمه، ومثل هذا قوله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} ويقال: رجل أعجمي، ورجل أعجم إذا كان غير فصيح اللسان وإن كان عربيًا، ورجل عجمي إذا كان أصله من العجم وإن كان فصيحًا. إلا أن الفراء أجاز أن يقال: رجل عجمي بمعنى أعجمي. والأعجمي هو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية وإن كان عربيًا في النسب.


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.