للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَنْذِرْ}؛

٢١٨ - ثم أتبع به قوله: {الَّذِي يَرَاكَ ...} إلخ؛ لأنه كالسبب لتلك الرحمة؛ أي: توكل على من يراك {حِينَ تَقُومُ} من نومك إلى التهجد والصلاة وحدك في جوف الليل، في قول أكثر المفسرين، فإن المعروف من القيام في العرف الشرعي إحياء الليل بالصلاة.

وقال مجاهد: حين تقوم حيثما كنت.

٢١٩ - {و} يرى {تَقَلُّبَكَ} وتنقلك في أركان الصلاة بالقيام والركوع والاعتدال والسجود والجلوس {فِي السَّاجِدِينَ}؛ أي: مع المصلين جماعة إذا كنت إمامًا لهم؛ أي: ويراك إذا صليت جماعة راكعًا وساجدًا وقائمًا. كذا قال أكثر المفسرين. وعن مقاتل أنه سأل أبا حنيفة - رحمه الله - هل تجد الصلاة في الجماعة في القرآن؟ فتلا هذه الآية.

وقيل (١): يراك منتقلًا في أصلاب المؤمنين، وأرحام المؤمنات من لدن آدم وحواء إلى عبد الله وآمنة، فجميع أصول سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - رجالًا ونساء مؤمنون، فلا يدخلهم الشرك ما دام النور المحمدي في الذكر والأنثى، فإذا انتقل منه لمن بعده .. أمكن أن يعبد غير الله، وآزر ما عبد الأصنام إلا بعد انتقال النور منه لإبراهيم. وأما قبل انتقاله فلم يعبد غير الله تعالى، كذا قالوا، ولكن لا أصل له والله أعلم.

وقيل (٢): المراد بقوله: {يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} قيامك إلى التهجد. وقوله: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} يريد ترددك في تصفح أحوال المجتهدين في العبادة وتقلب بصرك فيهم، كذا قال مجاهد.

ومعنى الآية: أي (٣) وفوض جميع أمورك إلى القادر على دفع الضر عنك، والانتقام من أعدائك الذين يريدون السوء بك، الرحيم إذ نصرك عليهم برحمته، وهو الذي يراك حين تقوم للصلاة بالناس، ويرى تنقلك من حال كالجلوس إلى حال كالقيام فيما بين المصلين إذا كنت إمامًا لهم. وفي الخبر: "أعبد الله كأنك


(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.