للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشعلة، والقبس: النار المقبوسة، فعل بمعنى مفعول؛ وهو القطعة من النار في عود أو غيره.

وقرأ الكوفيون عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب إلا زيدًا (١): {بِشِهَابٍ} منونًا. فـ {قَبَسٍ}: بدل منه، أو صفة له؛ لأنه بمعنى المقبوس. وقرأ باقي السبعة بالإضافة غير منون؛ وهي قراءة الحسن. قال الفراء: هذه الإضافة كالإضافة في قولهم: مسجد الجامع، وصلاة الأولى، أضاف الشيء إلى نفسه لاختلاف أسمائه. وقال النحاس: هي إضافة النوع إلى الجنس، كما تقول: ثوب خزٍّ وخاتم حديد.

فإن قلت: قال (٢) في سورة طه: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} وفي القصص: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} ب صيغة الترجي في السورتين، وقال هنا: {سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَر} بصيغة الإخبار والتيقن، فبين الإخبار والترجي تناقض، فكيف يجمع بينهما؟

قلتُ: لا تناقض بينهما؛ لأن الراجي إذا قوي رجاؤه يقول: سأفعل كذا بصيغة الأخبار وإن كانت الخيبة يمكن أن تقع. وعبارة شيخ الإِسلام: كيف قال هنا ذلك، وفي طه: {نَارًا لَعَلِّي}، وأحدهما قطع وجزم، والآخر ترجّ، والقضية واحدة؟

قلتُ: قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه: سأفعل كذا، وسيكون كذا مع تجويزه عدم الجزم.

{لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}؛ أي: رجاء أن تستدفئوا بها، أو لكي تستدفئوا بها، وتدفعوا البرد بحرها، وكان الزمان شتاء والليلة مثلجة، يقال: صلى بالنار واصطلى بها إذا استدفا بها، والصلاء النار العظيمة، والاصطلاء الاستدفاء بها. قال بعضهم: الاصطلاء بالنار يقسي القلب، ولم يرو أنه - صلى الله عليه وسلم - اصطلى بالنار.


(١) البحر المحيط وزاد المسير.
(٢) روح البيان بتصرف.