للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والشورى والذاريات والنجم والحديد وأول الممتحنة وثلاثةٍ آخر النساء وآخر التوبة وآخر الأنعام والعنكبوت وقرأ المفضّل إبراهام بألفين إلّا في التوبة والأعلى. وقرأ ابن الزبير (إبراهام) أيضًا، وقرأ أبو بكرة (إبراهم) بألفٍ وحذف الياء وكسر الهاء. وقرأ الجمهور: بنصب {إبْرَاهِيمَ} ورفع {رَبُّهُ}، وقرأ ابن عباس، وأبو الشعثاء، وأبو حنيفة: برفع {إبراهيمُ} ونصب {ربَّهُ}، والمعنى حينئذٍ: وإذا دعا إبراهيم ربَّه بكلمات؛ أي: بدعواتٍ، فأتَّمهنّ الله تعالى؛ أي: فأجابهنّ، وأعطاه إياهنّ، وتلك الدعوات، كقوله: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} وقولهُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} وقوله {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}، وإبراهيم الخليل عليه السلام، هو الجد الحادي والثلاثون لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو خليل الله بن تارخ، وهو آزر بن ناخور، بن شاروخ بن أرغو، بن فالغ، بن عابر، وهو هود النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بن شالح، بن أرفَخْشَذْ، بن سام، بن نوح عليه السلام، ومولده بأرض الأهواز، وقيل: بكوثى، وقيل: ببابل، وقيل: بنجران، ونقله أبوه إلى بابل أرض نمروذ بن كنعان، وقوله: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ} كلام مستأنف أيضًا واقعٌ في جواب سؤال مقدّر، كأنّه قيل: فماذا قال له ربُّه حين أتمَّ الكلمات؟ فقيل: {قَالَ} الله تعالى لإبراهيم بعدما أتمهنَّ {إِنِّي جَاعِلُكَ} ومُصَيِّرُكَ {لِلنَّاسِ إِمَامًا} يأتمون به في هذه الخصال، ويقتدى به الصالحون، فهو نبي في عصره، ومقتدًى به لكافة الناس إلى يوم القيامة؛ أي: جاعلك قدوة لهم في الدين إلى يوم القيامة، إذ لم يبعث بعده نبيٌّ إلّا كان من ذريته مأمورًا باتباعه في الجملة، والمعنى: أي؛ ثُمَّ قال له ربّه: يا إبراهيم! إنّي مصيِّرك إمامًا للناس في الخيرات، يقتدون بأفعالك، ويهتدون بهديك، ويستنون بسنتك، فلذلك اجتمعت أهل الأديان كلُّهم على تعظيمه، وجميع أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - يقولون في آخر صلاتهم: اللهمّ صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

وقوله: {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} كلام مستأنف أيضًا واقعٌ في جواب سؤال مقدر، كأنّه قيل: فماذا قال إبراهيم عنده؟ فقيل: {قَالَ} إبراهيم {و} اجعل يا ربّ! {مِنْ ذُرِّيَّتِي}؛ أي: من بعض أولادي أئمّةً يقتدى بهم في الدين؛ أي: أنبياء وملوكًا عدولًا، وعلماء يقتدى بهم، وتخصيص البعض بذلك؛ لبداهة استحالة