للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجيرًا في رعي غنمي ثماني سنوات، وقوله (١): {هَاتَيْنِ} يدل على أنه كان له غيرهما، وهذه مواعدة منه، ولم يكن ذلك عقد نكاح، إذ لو كان عقدًا لقال: قد أنكحتك.

{فَإِنْ أَتْمَمْتَ} الثاني السنين التي شرطتها عليك، فجعلتها {عَشْرًا فـ} إحسان {مِنْ عِنْدِكَ}؛ أي: فإتمامها من عندك تفضلًا، لا من عندي إلزامًا عليك، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ}؛ أي: وما أحب أن أشاقك بمناقشة، أو مراعاة أوقات، ولا إتمام عشر، ولا غير ذلك.

ثم رغبه في قبول الإجارة فقال: وإنك {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {مِنَ الصَّالِحِينَ} في حسن الصحبة، والوفاء بالعهد ولين الجانب؛ أي: ممن تحسن صحبتهم، ويوفون بما تريد من خير لك ولنا، وقيل (٢): أراد بالصلاح على العموم، فيدخل صلاح المعاملة في تلك الإجارة تحت الآية دخولًا أوليًا.

ومراده بالاستثناء (٣): التبرك به، وتفويض الأمر إلى توفيقه، لا تعليق صلاحه بمشيئته تعالى، وقرأ ورش أحمد بن موسى عن أبي عمرو: {أنكحك احْدَى} بحذف الهمزة، ذكره أبو حيان.

واعلم: أن قوله: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} شرط، وليس بصداق، لقوله: تأجرني نفسك، دون تأجرها نفسك. ويجوز أن يكون النكاح جائزًا في تلك الشريعة بشرط أن يكون منعقد العمل في المدة المعلومة لولي المرأة، كما. يجوز في شريعتنا، بشرط رعي غنمها في مدة معلومة.

واعلم: أن المهر لا بد وأن يكون مالًا متقومًا؛ أي: في شريعتنا لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} وأن يكون مسلمًا إلى المرأة لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} فلو تزوجها على تعليم القرآن، أو خدمته لها سنة يصح النكاح، ولكن يصار إلى مهر المثل، لعدم تقويم التعليم والخدمة، هذا إن كان الزوج


(١) النسفي.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.