للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضل الطريق وتحيَّر {أَوْ} آتيكم بـ {جَذْوَةٍ}؛ أي: بعود غليظ متقد {مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} وتتسخنون بتلك النار؛ أي: لكي تتدفؤوا بها، والجذوة العود الغليظ، سواء كانت في رأسه نار أو لا, ولذلك وصفها بقوله من النار.

وقرأ حمزة (١): {لأهله امكثوا} في الوصل بضم الهاء، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {إني} بفتح الياء، وقرأ الجمهور (٢): {جذوة} بكسر الجيم، وقرأ حمزة ويحيى بن وثاب والأعمش وطلحة وأبو حيوة: بضمها، وقرأ عاصم والسلمي وذر بن حبيش: بفتحها.

ومعنى الآية (٣): أي فلما وفي موسى الأجل الذي اتفق عليه مع حميه تحمَّل بأهله، وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره، وسلك بهم الطريق في ليلة مطيرة وظلمة باردة، ونزل منزلًا، فجعل كلما أورى زنده لا يضيء شيئًا، فعجب لذلك، وبينا هو كذلك رأى نارًا تضىء عن بُعد، فقال لأهله: انتظروا قليلًا إني أبصرت نارًا، لعلي آتيكم منها بخبر الطريق، وكانوا قد ضلوا عنه، أو آتيكم بقطعة من الحطب فيها نار، لتستدفئوا بها من البرد، وكان الوقت شتاء، فترك موسى أهله في المنزل الذي أنزلهم فيه، وذهب إلى النار التي أبصرها.

٣٠ - {فَلَمَّا أَتَاهَا}؛ أي: أتى النار التي أبصرها وجاءها {نُودِيَ} موسى {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ}؛ أي: من طرف الوادي وجانبه، وقوله: {الْأَيْمَنِ} صفة للشاطىء، وهو إما من اليُمْنِ بمعنى البركة، لكونه مباركًا فيه على موسى، أو من اليمين المقابل لليسار بالنسبة إلى موسى؛ أي: من الطرف الذي يلي يمينه دون يساره؛ أي: أتاه النداء من الطرف الأيمن من الوادي.

وقوله: {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} متعلق بنودي؛ أي: نودي موسى في البقعة المباركة على موسى، والبقعة قطعة من الأرض لا شجر فيها، كما سيأتي في مباحث اللغة، وُصفت بكونها مباركة, لأنه حصل فيها ابتداء الرسالة، وتكليم الله


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.