للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إليهما بالقتل وغيره. وقوله: {بِآيَاتِنَا} إما متعلق بـ {لَا يَصِلُونَ}.

والمعنى عليه: أي سنقويك ونعينك بأخيك، ونجعل لكما تسلطًا عظيمًا، وغلبة على عدوكما، فلا يصلون إليكما بوسيلة من وسائل الغلب، بسبب كون آياتنا معكما، وهي العصا واليد، أو بـ {الْغَالِبُونَ} من قوله {أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} أي أنتما ومن تبعكما الغالبون لفرعون وقومه، بسبب آياتنا وحججنا وسلطاننا الذي نجعله لكما، وفي هذا دليل على أن فرعون لم يصل إلى السحرة بشيء مما هددهم به, لأنهم من أكبر الأتباع الباذلين أنفسهم في سبيل الله سبحانه.

وقال أبو السعود: في سورة طه جمعهما في صيغة أمر الحاضر، مع أن هارون لم يكن حاضرًا مجلس المناجاة، بل كان في ذلك الوقت بمصر للتغليب، فغلَّب الحاضر على غيره، وتقدم هناك أن الله في ذلك الوقت أرسل جبريل بالرسالة لهارون، وهو بمصر. اهـ.

وقال أبو حيان (١): قوله: {بِآيَاتِنَا} يحتمل أن يتعلق بقوله: {وَنَجْعَلُ}، أو بـ {يصلون}، أو بـ {الغالبون}، وإن كان موصولًا، على مذهب من يجوز عنده أن يتقدم الظرف والجار والمجرور على صلة أل؛ لأنهم يتوسعون فيهما أو بفعل محذوف؛ أي: اذهبا بآياتنا كما عُلِّق في تسع آيات بـ {اذهب}، أو تمتنعان منهم بآياتنا، وهذه أعاريب منقولة انتهى.

وقال الأخفش وابن جرير: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا.

٣٦ - ثم أبان ما صدر من فرعون عقب مجيء موسى إليه فقال: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ}؛ أي: فلما جاء فرعون وقومه {مُوسَى} عليه السلام حال كونه متلبسًا {بِآيَاتِنَا} ومعجزاتنا، حالة كونها {بَيِّنَاتٍ}؛ أي: واضحات الدلالة على صحة رسالته منه تعالى، والمراد (٢) بالآيات المعجزات حاضرة كانت كالعصا واليد، أو


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.