للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعد جعله لبنًا فتكون آجرًا، {أَطَّلِعُ}؛ أي: أصعد وأرتقي، والطلوع والاطلاع الصعود، يقال: طلع الجبل واطلع بمعنى، وان نفسك لطلعة إلى هذا الأمر، وإنها لتطلع إليه؛ أي: تُنازع.

{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ} والاستكبار إظهار الكبر باطلًا، بخلاف التكبر، فإنه أعم، والكبر ظن الإنسان أنه أكبر من غيره، {لَا يُرْجَعُونَ}؛ أي: لا يُردون بالبعث للجزاء، من رُجع رجعًا، إذا رُد وصُرف، {فَنَبَذْنَاهُمْ}؛ أي: فطرحناهم، قال الراغب: النبذ إلقاء الشيء وطرحه، لقلة الاعتداد به، {أَئِمَّةً}؛ أي: قدوة يقتدي بهم أهل الضلال، فيكون عليهم وزرهم وزر من تبعهم، {لَعْنَةً}؛ أي: طردًا من الرحمة.

{مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} جمع مقبوح، والمقبوح المطرود؛ أي: من المخزيين، يقال: قبَّحه الله إذا طرده ونحاه من كل خير، وفي "المصباح": قبح الشيء قبحًا فهو قبيح، من باب قرب، وهو خلاف حسن، {هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ}؛ أي: من المبعدين عن الفوز، والتثقيل مبالغة، وقبَّح عليه فعله تقبيحًا، وقال أبو زيد: قبح الله فلانًا قُبْحًا وقُبوحًا: أبعده من كل خير، وقال أبو عمرو: قبحت وجهه بالتخفيف بمعنى قبَّحْتُ بالتشديد، ومثله قول الشاعر:

ألَا قَبَحَ الله الْبَرَاجِمَ كُلَّهَا ... وَقَبَحَ يَرْبُوْعًا وَقَبَحَ دَارِمَا

{مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} قال الراغب: الهلاك الموت، لم يذكره الله سبحانه حيث يُفقد الذمُّ إلا في قوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ}، وقوله: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}، وقوله: {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا}، والقرون جمع قرن، وهو القوم المقترنون في زمان واحد.

{بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} والبصائر جمع بصيرة، وهي نور القلب الذي به يُستبصر، كما أن البصر نور العين الذي به تبصر، والبصيرة العقل والفطنة والعبرة والشاهد والحجة، يقال: جوارحه بصيرة عليه؛ أي: شهود، وفراسة ذات بصيرة؛ أي: صادقة، والجمع بصائر، وقوله: {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ}؛ أي: أنوارًا لقلوبهم تبصر بها