للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النفع، ضرورة عدم قدرتهم على الاستجابة والنصرة، {وَرَأَوُا}؛ أي: كل من العابدين والمعبودين {الْعَذَابَ} قد غشيهم، وتمنوا {لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} في الدنيا؛ أي: وتمنوا عندئذٍ كونهم مهتدين في الدنيا، على أن {لَوْ} مصدرية معمولة لمحذوف، وقيل: إن {لَوْ} شرطية جوابها محذوف، تقديره: لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا لما رأوا العذاب في الآخرة، وقيل: {لَوْ} هنا للتمني؛ أي: تمنوا كونهم مهتدين، لا ضالين (١)، وقيل: المعنى لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا لأنجاهم ذلك ولم يروا العذاب.

وحال المعنى (٢): أي وقيل للمشركين بالله الآلهة والأنداد في الدنيا: ادعوا آلهتكم الذين زعمتم جهلًا منكم شركتهم لله، ليدفعوا العذاب عنكم، فدعوهم لفرط الحيرة وغلبة الدهشة، فلم يجيبوهم عجزًا منهم عن الإجابة، والمقصود من طلب ذلك منم فضيحتهم على رؤوس الأشهاد، بدعاء من لا نفع له، ولا فائدة منه.

ثم بيَّن حالهم حينئذٍ، وتمنِّيهم أن لو كانوا وُفِّقوا في الدنيا إلى سلوك طريق الهدى والرشاد، فقال: {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ}؛ أي: وأيقن الداعون والمدعوون أنهم صائرون إلى النار لا محالة، وودوا حين عاينوا لو أنهم كانوا من المهتدين المؤمنين في الدنيا، ونحو الآية قوله: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)}.

٦٥ - وبعد أن سُئِلوا عن إشراكهم بالله - توبيخًا لهم - سُئلوا عن تكذيبهم الأنبياء، كما أشار إلى ذلك بقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}؛ أي: واذكر يا محمد لقومك قصة يوم ينادي الله سبحانه وتعالى الكفار نداء تقريع وتوبيخ {فَيَقُولُ} الله سبحانه تفسيرًا للنداء {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} الذين أرسلتهم إليكم حين دعوكم إلى توحيدي وعبادتي، ونهوكم عن الشرك والمعاصي؛ أي: أي شيء كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين، حين بلَّغوكم رسالتي، أبالتصديق أم بالتكذيب؟ فهو معطوف


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.