للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على ما قبله، فسُئلوا أولًا عن إشراكهم، وثانيًا عن جوابهم الرسل الذين نهوهم عت ذلك. ذكره "أبو السعود".

والمعنى (١): أي واذكر يا محمد يوم ينادي المشركين ربُّهم، وقد برز الناس في صعيد واحد، منهم المطيع، ومنهم العاصي، وقد أخذ بأنفاسهم الزحام، وتراكبت الأقدام على الأقدام، فيقول لهم: ماذا أجبتم المرسلين، فيما أرسلناهم به إليكم من دعائكم إلى التوحيد والبراءة من الأوثان والأصنام.

٦٦ - ثم بيَّن أنهم لا يحارون جوابًا، ولا يجدون من الحجج ما يدافعون به عن أنفسهم، فقال: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ} أي: فخفيت عليهم الأخبار يوم إذ سُئلوا عن ذلك، ولم يجدوا معذرة يُجيبون بها، فلم يكن لهم إلا السمكوت جوابًا، والمراد بالأنباء (٢) ما أجابوا به الرسل أو ما يعصها، وإذا كانت الرسل يفوِّضون العلم في ذلك المقام الهائل إلى علَّام الغيوب، مع نزاهتهم عن غائلة السؤال، كما قال: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)}. فما ظنُّك بهؤلاء الضلال.

قال أهل التفسير: أي صارت الأنباء كالعمى عنهم لا تهتدي إليهم، وأصله فعموا عن الأنباء؛ أي: الأخبار، وقد عكس بأن أثبت العمى الذي هو حالهم للأنباء مبالغة، وتعدية الفعل بعلى لتضمنه معنى الخفاء والاشتباه.

ثم بيَّن أنه تخفي عليهم كل طرق العلم التي كانت تجديهم في الدنيا، فقال: {فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ}؛ أي: فلا يسأل بعضهم بعضًا عن الجواب النافع، كما يتساءل الناس في المشكلات؛ لأنهم يتساوون جميعًا في العجز عن الجواب المنجي، لما اعتراهم من الدهشة، وعظيم الهول فلا نطق ولا عقل، أو لعلمهم بأن الكل سواء في الجهل، وفي "الخازن": {فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ}؛ أي: لا يجيبون ولا يحتجون، وقيل: يسكتون فلا يسأل بعضهم بعضًا. اهـ.


(١) المراغي.
(٢) البيضاوى.