للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ}؛ أي: يمنعونه من عذاب الله سبحانه حين نزل به، {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}؛ أي: من الممتنعين بأنفسهم من عذاب الله بوجه من الوجوه، أو من (١) المنتقمين من موسى.

أي: ما أغنى عنه ماله ولا خدمه ولا حشمه، ولا دفعوا عنه نقمة الله ولا نكاله، ولا استطاع أن ينتصر لنفسه.

وقصارى ذلك: أنه لا ناصر له من غيره ولا من نفسه، فكيف يكون للأمة الغافلة عن أوامر دينها، الجاهلة بمقاصد شريعتها في إنفاق الأموال أن تجد مناصًا من خراب الديار، وإضاعة المجد الطارف والتالد، ولا بد أن تقع فريسة للغاصبين الذين يسومونها الخسف دون شفقة ولا رحمة، وقد كان ذلك جزاء وفاقًا لجهلها وسوء تصرفها وظلمها لأنفسها، ولا يظلم ربك أحدًا، وهكذا حال من تصرف في ماله تصرف السفهاء وركب رأسه، وصار يبعثوه يمنة ويسرة، فإنه سيندم ولات ساعة مندم.

وقد أبان الكتاب الكريم أن النصر للصابرين، فهو أثر لازم للصبر على حفظ المال وحفظ الشهوات والعقول، وكل الفضائل التي حث عليها الدين وسلك سبيلها السلف الصالح.

٨٢ - ولما شاهد قوم قارون ما نزل به من العذاب صار ذلك زاجرًا لهم عن حب الدنيا ومخالفة موسى، وداعيًا إلى الرضى بقضاء الله تعالى وبما قسمه، وإلى إظهار الطاعة والانقياد لأنبيائه ورسله، كما أشمار إلى ذلك بقوله: {وَأَصْبَحَ}؛ أي: وصار {الَّذِينَ تَمَنَّوْا} واغتبطوا {مَكَانَهُ}؛ أي: مثل منزلته ورتبة وجاهه، والكلام على حذف مضاف {بِالْأَمْسِ}؛ أي: بالوقت القريب منه، وهو ظرف لتمنوا، ولم يرد بالأمس خصوص اليوم الذي قبل يومه، بل الوقت القريب، وجملة {يَقُولُونَ} خبر {أَصْبَحَ}.

{وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} و {وي}: كلمة تعجب، والكاف للتعليل؛ أي (٢): وصار


(١) النسفي.
(٢) المراح.