للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذين تمنوا مثل رتبة قارون من الدنيا من زمان قريب يقولون منتبهين على خطئهم في تمنيهم، لما شاهدوا الخسف به؛ أي: يقول كل واحد منهم: أعجب أنا من خطئي في ذلك التمني، وأندم عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى {يَبْسُطُ الرِّزْقَ} ويوسع المال {مَنْ يَشَاءُ} البسط عليه {مِنْ عِبَادِهِ} وهو مكر منه تعالى كما كان لقارون.

{وَيَقْدِرُ}؛ أي: يضيِّق الرزق ويقلله على من يشاء من عباده، اختبارًا منه تعالى، يقال: قدر على عياله بالتخفيف مثل قتر؛ إذا ضيَّق عليهم بالنفقة، فإن القوم لما شاهدوا ما نزل بقارون من الخسف ندموا على تمنيهم، حيث علموا أن بسط الرزق لا يكون لكرامة الرجل على الله، ولا تضييقه لهوانه عنده، فالكل بمشيئة الله سبحانه وتعالى، فتعجبوا من أنفسهم كيف وقعوا في مثل هذا الخطأ، و {وَيْ} اسم فعل بمعنى أعجب أنا، والكاف للتعليل، وأن حرف نصب ومصدر.

وقال أبو الحسن: {وَيْ} اسم فعل، والكاف حرف خطاب، وأن على إضمار اللام، وقيل: {وَيْ} اسم فعل، وكأن للتحقيق بمعنى قد؛ أي: أعجب أنا، وقد علمت أن كلًّا من البسط والقبض بمقتضى مشيئته تعالى، وليس البسط للكرامة، والقبض للهوان.

وعبارة الخازن هنا (١): أي وصار أولئك الذين تمنوا ما رزقه الله من الأموال والزينة يندمون على ذلك التمني {يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ}؛ أي: ألم تعلم أن الله، وقيل: ألم تر أن الله، وقيل: هي كلمة تقرير معناها: أما ترى صنع الله وإحسانه، يبسط الرزق لمن يشاء، وقيل: ويك بمعنى ويلك اعلم أن الله، وروي أن {وَيْ} مفصولة من {كان}، والمعنى: أن القوم ندموا فقالوا متندمين علي ما سلف منهم: وَيْ وكأن، معناها: أظن وأُقَدِّر أن الله يبسط الرزق. انتهت.

وعبارة "الفتوحات" هنا: قوله: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} و {وَيْكَأَنَّه} فيه (٢) مذاهب:


(١) أنوار التنزيل.
(٢) الجمل.