للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْمُشْركِينَ} على ذلك، وهو من أناب إذا رجع مرةً بعد أخرى.

والمعنى: الزموا فطرة الله، أو فأقيموا وجوهكم للدين، حال كونكم راجعين إليه مالى كل ما أمر به، مقبلين عليه بالطاعة. {وَاتَّقُوهُ} سبحانه وتعالى باجتناب معاصيه، وهو معطوف على الزموا المقدر الناصب لـ {مُنِيبِينَ}.

والمعنى: أي فأقم وجهك أيها الرسول، أنت ومن اتبعك حنفاء لله منيبين إليه، وخافوه وراقبوا أن تفرطوا في طاعته، وترتكبوا معصيته {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} الخمس؛ أي: أدوها في أوقاتها على شرائطها وحقوقها.

قال الراغب: إقامة الشيء: توفية حقه، ولم يأمر الله بالصلاة حيث أمر، ولا مدح بها حيثما مدح، إلا بلفظ الإقامة، تنبيهًا على أن المقصود منها توفية شرائطها، لا الإتيان بهيئاتها.

والمعنى: أي وداموا على إقامتها، فهي عمود الدين، وهي التي تذكر المؤمن ربه، وتجعله يناجيه في اليوم خمس مرات، وتحول بينه وبين الفحشاء والمنكر؛ لأنها تعوِّد النفس الخضوع والإخبات له، ومراقبته في السر والعلن، كما جاء في الحديث: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} به غيره المبدلين لفطرة الله تبديلًا، بل أخلصوا له العبادة، ولا تريدوا بها سواه، وحافظوا على امتثال أوامره واجتناب نواهيه.

٣٢ - وقوله: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} بدل من {الْمُشْرِكِينَ} بإعادة الجار، وتفريقهم لدينهم: اختلافهم فيما يعبدون على اختلاف أهوائهم، وفائدة (١) الإبدال: التحذير عن الانتماء إلى ضرب من أضراب المشركين ببيان أن الكل على الضلال المبين. وكانوا شيعًا؛ أي: فرقًا مختلفة يشايع كل منها - أي يتابع - إمامها الذي هو أصل دينها.

وقرأ حمزة والكسائي (٢): {فارقوا دينهم} ورويت هذه القراءة عن علي بن


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.