للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيه (١): إخبار من الله سبحانه: بأن نصره لعباده المؤمنين حق عليه، وهو لا يخلف الميعاد، أخرج الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه والترمذي، عن أبي الدرداء، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقًا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة" ثم تلا {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ولفظ الترمذي: "من رد عن عرض أخيه .. رد الله عن وجهه النار يوم القيامة". وقال: حديث حسن.

ووقف (٢) بعض القراء على {حَقًّا} وجعل اسم {كان} ضميرًا فيها وخبرها {حَقًّا}. قال ابن عطية: وهذا ضعيف، والصحيح: أن {نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} اسمها، و {حَقًّا} خبرها، و {عَلَيْنَا} متعلق بـ {حَقًّا} أو بمحذوف هو صفة له.

٤٨ - {اللَّهُ}: الذي يستحق منكم العبادة هو {الَّذِي يُرْسِلُ} ويحرك ويبعث {الرِّيَاحَ}؛ أي: رياح الرحمة كالصبا ونحوها {فَتُثِيرُ}؛ أي: تزعج وترفع {سَحَابًا} ثقالًا بالمطر من حيث هو، وأضاف الإثارة إلى {الرِّيَاحَ}، وإنما المثير هو الله تعالى؛ لأنه سَببها، والفعل قد ينسب إلى سببه كما ينسب إلى فاعله.

وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير وابن محيصن: {يرسل الريح} بالإفراد، وقرأ الباقون: {الرِّيَاحَ} بالجمع. قال أبو عمرو: كل ما كان بمعنى الرحمة، فهو جمع، وما كان بمعنى العذاب فهو مفرد، وهذه الجملة: مستأنفة مسوقة لبيان ما سبق من أحوال الرياح، فتكون على هذا جملة قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا} إلى قوله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} معترضةً.

{فَيَبْسُطُهُ}؛ أي: يمد السحاب وينشره سبحانه وتعالى {فِي السَّمَاءِ}؛ أي: في سمتها، {كَيْفَ يَشَاءُ}؛ أي: على كيفية وهيئة شاءها سبحانه وتعالى، سائرًا وواقفًا، مسيرة يوم أو يومين، أو أقل أو أكثر من جانب الجنوب أو ناحية الشمال، أو سمت الدبور، أو جهة الصبا إلى غير ذلك؛ أي: يجعله متصلًا تارةً {وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا}؛ أي: قطعًا تارةً أخرى، أو يجعله بعد بسطه قطعًا متفرقة: جمع


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.