للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نزوله، خبر {كَانُوا}، واللام فارقة، وقد سبق معنى الإبلاس في أول السورة.

أي: وقد كانوا (١) من قبل أن ينزل عليهم قانطين يائسين من نزوله، فلما جاءهم على فاقة وحاجة .. وقع منهم موقعًا عظيمًا.

والخلاصة: أنهم كانوا محتاجين إليه قبل نزوله، ومن قبل ذلك أيضًا، إذ هم ترقبوه في إبانة فتأخر، ثم مضت فترة فترقبوه فيها، فتأخر ثم جاء بغتة بعد اليأس والقنوط، وبعد أن كانت أرضهم هامدةً، أصبحت وقد اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.

٥٠ - {فَانْظُرْ} يامحمد نظر اعتبارٍ واستبصارٍ {إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى، وفوائد المطر، لتستدل بذلك على توحيد الله وتفرده بهذا الصنع العجيب.

والمراد برحمة الله (٢): المطر؛ لأنه أنزله برحمته على خلقه، وآثارها: فوائدها ونتائجها من النبات والأضجار والأزهار والثمار والحبوب. و {الفاء}: للدلالة على سرعة ترتب هذه الأشياء على تنزيل المطر، والخطاب فيه، وإن توجه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمراد به جميع المكلفين.

والمعنى: فانظروا إلى آثار المطر من النبات والأشجار، وأنواع الثمار والأزهار والزرائع التي بها يكون الخصب.

{كَيْفَ يُحْيِ} الله سبحانه وتعالى {الْأَرْضَ} بالآثار والنبات {بَعْدَ مَوْتِهَا}؛ أي: بعد يبسها. قال في "الإرشاد": {كَيْفَ ..} إلخ. في حيز النصب بنزع الخافض، وكيف معلق لانظر؛ أي: فانظروا إلى كيفية الإحياء البديع للأرض بعد موتها، والمراد بالنظر: التنبيه على عظيم قدرته، وسعة رحمته مع ما فيه من تمهيد أمر البعث.

{إِنَّ ذَلِكَ} الإله العظيم الشأن، الذي قدر على إحياء الأرض بعد موتها


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.