للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآيات هاديةً من الضلالة إلى الرشاد، وذات رحمة {لِلْمُحْسِنِينَ}؛ أي: العاملين للحسنات، وبالرفع: خبران آخران لاسم الإشارة.

وقال بعضهم (١): سماه هدًى لما فيه من الدواعي إلى الفلاح، والألطاف المؤدية إلى الخيرات، فهو هدى ورحمة للعابدين، ودليل وحجة للعارفين. اهـ.

وفي "التأويلات النجمية": هدى يهدي إلى الحق، ورحمة لمن اعتصم به، يوصله بالجذبات المودعة فيه إلى الله تعالى، وفي تخصيص كتابه بالهدى والرحمة للمحسنين: دليل على أنه ليس يهدي غيرهم، والمحسن لا يقع مطلقًا إلا مدحًا للمؤمنين، والمحسن: العامل للحسنات، أو من يعبد الله تعالى كأنه يراه، كما ثبت في الحديث الصحيح: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما سأله جبريل عن الإحسان .. قال: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

وقرأ الجمهور (٢): {هُدًى وَرَحْمَةً} بالنصب على الحال من الآيات، وقرأ حمزة والأعمش والزعفراني، وطلحة وقنبل من طريق أبي الفضل الواسطي: بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر على مذهب من يجيز ذلك.

٤ - ثم بين عمل المحسنين فقال: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} المفروضة وغيرها؛ أي: يؤدونها بحقوقها وشروطها في أوقاتها، وعبر عن الأداء بالإقامة، إشارةً إلى أن الصلاة عماد الدين، وفي "المفردات": إقامة الصلاة: توفية شرائطها لا الإتيان بهيئتها، {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}؛ أي: يعطونها بشرائطها إلى مستحقيها المذكورين في آية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية. {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ}؛ أي: بمجيء الدار الآخرة بما فيها من الحساب والميزان, والجزاء على الأعمال، سميت آخرة لتأخرها عن الدنيا {هُمْ يُوقِنُونَ}؛ أي: يصدقون فلا يشكون في البعث والحساب والجزاء، وإعادة لفظة {هم} للتوكيد في الإيقان بالبعث والحساب، ولما حيل بينه وبين خبره بقوله: {بِالْآخِرَةِ}. وخص هذه العبادات الثلاث؛ لأنها عمدة العبادات.


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.