للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يشتري أولى من الاستئناف.

والمعنى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث، ويتخذ آيات الله هزوًا ليضل عن سبيل الله.

وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وحفص (١): {ويتخذها} بالنصب عطفًا، على {لِيُضِلَّ}. وقرأ باقي السبعة: بالرفع عطفًا على {يَشْتَرِي}.

وحاصل معنى الآية: أي (٢) ومن الناس فريق يتخذ ما يتلهى به عن الحديث النافع للإنسان في دينه، فيأتي بالخرافات والأساطير والمضاحيك، وفضول الكلام، كالنضر بن الحارث، الذي كان يشتري الكتب ويحدث بها الناس، وربما اشترى الفتيات وأمرهن بمعاشرة من أسلم، ليحملهم على ترك الإِسلام، وما مقصده من ذلك إلا الإضلال والصد عن دين الله، وقراءة كتابه واتخاذه هزوًا ولعبًا.

وعن نافع قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر في الطريق، فسمع مزمارًا فوضع إصبعيه في أذنيه، وعدل عن الطريق، فلم يزل يقول: يا نافع أتسمع؟ قلت: لا، فأخرج إصبعيه من أذنيه، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع. وعن ابن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان".

والخلاصة: أن سماع الغناء الذي يحرك النفوس، يبعثها على اللهو والمجون، بكلام يشبب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات، لا خلاف في تحريمه، أما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد، وحين التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق، وحدو أنجشة - عبد أسود - كان يقول راحلة نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع، وأما طبل الحرب فلا حرج فيه؛ لأنه يقيم النفوس ويرهب العدو،


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.