للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأشار - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى أنفه) بلفظة "إلى"، كما في بعض النسخ من رواية كريمة، وفي رواية ابن طاوس: وأشار بيده على أنفه، كأنه ضمن أشار معنى أمرَّ -بتشديد الراء-، فلذلك عداه بـ"على" دون "إلى". وعند النسائي من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي طاوس، فذكر هذا الحديث، وقال في آخره: قال ابن طاوس: ووضع يده على جبهته، وأمرَّها على أنفه، وقال: هذا واحدٌ (١). فهذه رواية مفسرهٌ (٢).

قال القرطبي: هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود، والأنف تبع (٣).

ونظر فيه ابن دقيق العيد؛ لأنه يلزم منه أن يكتفى بالسجود على الأنف، كما يكتفى بالسجود على بعض الجبهة.

وقد احتج بهذا لأبي حنيفة في الاكتفاء بالسجود على الأنف. قال: والحق أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة، وإن أمكن أن يعتمد أنها كعضوٍ واحدٍ، وذلك في التسمية والعبارة، لا في الحكم الذي دل عليه الأمر (٤).

ونقل ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزىء السجود على الأنف وحده.

وذهب الجمهور إلى أنه يجزىء على الجبهة وحدها.

ومعتمد مذهب الإمام أحمد: يجب الجمع بينهما، وهو مذهب


(١) تقدم تخريجه عند النسائي برقم (١٠٩٨) عنده.
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٢٩٦).
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٢/ ٩٤).
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>