للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جنس العبادات، مثل الصوم الذي يزيد في مرضها، والاغتسال بالماء البارد الذي يقتلها، هو من ظلمها؛ فإن اللَّه تعالى أمر العباد بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم.

ومما ينبغي أن يعرف: أن الإنسان قد يتعاطى أمورًا، يجب عليه أشياء بسببها، ولولاها ما وجب عليه من ذلك شيء؛ كالولايات، ففي "المسند": "أحب الخلق إلى اللَّه إمام عادل، وأبغضهم إلى اللَّه إمام جائر" (١)، كحقوق الزوجة، والأولاد، والجيران.

فمن هذه الأمور، وغيرها مما لم نذكره، يتبين بها أنها أجناس ظلم العبد نفسه، لكن كل إنسان بحسبه، وبحسب درجته، فما من صباح يصبح، إلا وللَّه على عبده حقوق، وكذلك للخلق على ذلك العبد حقوق، وحدود عليه أن يحفظها، ومحارم عليه أن يجتنبها؛ فإن أجناس الأعمال ثلاثة:

مأمور به: فمنه واجب، ومنه مندوب.

ومنهي عنه: فمنه محرم، ومنه مكروه.

ومباح له حد: فتعديه تعدٍّ لحدود اللَّه، بل قد يكون الزائد على بعض الواجبات، أو المستحبات تعد (٢) لحدود اللَّه، وذلك كالإسراف؛ كما قال


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٢٢)، والترمذي (١٣٢٩)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الإمام العادل، وقال: حسن غريب، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-، بلفظ: "إن أحب الناس إلى اللَّه -عز وجل- يوم القيامة، وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى اللَّه يوم القيامة، وأشده عذابًا إمام جائر".
(٢) كذا في الأصل، والصواب: تعديًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>