للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحرامه بموته، ويجنب ما يجنبه المحرم؛ من الطيب، وتغطية الرأس، ولبس المخيط، وقطع الشعر، روي ذلك عن عثمان، وعلي، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، وبه قال عطاء، والثوري، والشافعي، وإسحاق.

وقال مالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة: يبطل إحرامه بموته، ويصنع به ما يصنع بالحلال، وروي ذلك عن: عائشة، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم-، وروي عن طاوس؛ قالوا: لأنها عبادة شرعية بطلت بالموت (١)؛ لانقطاع العبادة لزوال محل التكليف، وهو الحياة، لكن اتبع من أبقى حكمه الحديث، وهو مقدم على القياس (٢).

قال ابن دقيق العيد: خالف في ذلك -أي: بقاء حكم الإحرام بعد الموت-: مالك، وأبو حنيفة، وهو مقتضى القياس، وغاية ما اعتذر به عن الحديث؛ ما قيل: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- علل هذا الحكم في هذا المحرم بعلة لا يعلم وجودها في غيره، وهو أنه يبعث يوم القيامة ملبيًا، وهذا الأمر لا يعلم وجوده في غير هذا المحرم لغير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والحكم إنما يعم في غير محل النص بعموم علته، وغير هؤلاء يرى أن هذه العلة إنما ثبتت لأجل الإحرام؛ فتعم كل محرم، انتهى (٣).

قال في "شرح المقنع": فإن قيل: هذا خاص له؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبيًا، قلنا: حكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في واحد حكمه في مثله، إلا أن يرد تخصيصه؛ ولهذا ثبت حكمه في شهداء أحد في سائر الشهداء (٤).


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٢/ ٣٣٢).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٦٦).
(٣) المرجع السابق، (٢/ ١٦٦ - ١٦٧).
(٤) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٢/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>