للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو داود أحدُ الأئمة الأعلام، وحفاظ الأنام، ومصنف أحد الكتب الستة المشهورة في الإسلام، مناقبه كثيرة، وأخباره شهيرة.

ولد سنة اثنتين ومئتين، وقدم بغداد مرارًا، ثم نزل إلى البصرة وسكنها.

قال ابن خلكان: كان أَبو داود في الدرجة العالية من النُّسك والصلاح، طاف البلاد، وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والجزريين، وجمع كتابَ "السنن" قديمًا، وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-، فاستجادَه، واستحسنه.

قال: وعدَّه الشيخ أَبو إسحاق الشيرازي في "طبقات الفقهاء" من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل.

قلت: هو أحدُ نَقَلَة مذهب الإمام أحمد، بل من أَجَلِّ نقلته؛ كحرب الكرماني، وأبي بكر المروذي، والأثرم، وغيرهم من الأئمة.

وقال إبراهيم الحربي: لما صنف أَبو داود كتاب "السنن": أُلين لأبي داود الحديثُ كما أُلين لداودَ الحديدُ.

وكان أَبو داود يقول: كتبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خمس مئة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب -يعني: "السنن"-، جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مئة حديث، ذكرت الصحيحَ وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسانَ لدينه من ذلك أربعةُ أحاديث:

أحدها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأعمالُ بالنيات" (١).

والثاني: قوله: "مِنْ حُسْنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُه ما لا يَعْنيه" (٢).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الترمذي (٣٣١٧)، كتاب: الزهد، باب: (١١)، وابن ماجه (٣٩٧٦)، كتاب: الفتن، باب: كف اللسان في الفتنة، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنهما-. =

<<  <  ج: ص:  >  >>