للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد في بعض الروايات ما يدل على أن الصحيح: أن اعتكافه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك العشر كان لطلبه ليلةَ القدر قبلَ أن يعلم أنها في العشر الأواخر (١)، فلما أُعلم بذلك، كان يعتكف العشرَ الأواخرَ من رمضان حتى توفاه اللَّه؛ كما في "الصحيحين" من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- (٢).

(فاعتكف عامًا) مصدر عامَ: إذا سَبَحَ؛ يقال: عامَ يعومُ عَوْمًا وعامًا، فالإنسان يعوم في دنياه على الأرض طول حياته حتى يأتيه الموت يغرقُ فيها؛ أي: اعتكف في شهر رمضان في عام (٣)، (حتى إذا كان ليلةَ إحدى وعشرين) -بنصب ليلة-، وضبطه بعضهم -بالرفع- فاعلًا بكان التامة؛ بمعنى: ثبت، أو نحوه، والمراد: حتى إذا كان استقبال ليلة إحدى وعشرين؛ لأن المعتكف العشرَ الأوسط إنما يخرج قبلَ دخول ليلة الحادي والعشرين؛ لأنها من العشر الأخير، وقد صرح به في رواية هشام في الصحيح (٤)، (وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها)، وفي لفظ بإسقاط (من اعتكافه) (٥)، فكان على خروجه -صلى اللَّه عليه وسلم- صبيحة عشرين؛ كما في "الصحيحين" من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: تذاكَرْنا ليلةَ القدر، فأتيت أبا سعيد الخدريَّ، وكان لي صديقًا، فقلت: ألا تخرجُ بنا إلى النخل؟ فخرج وعليه خميصة، فقلت: سمعتَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر ليلة القدر؟ فقال: نعم، اعتكفنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العشرَ الوسطى من


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٥٢).
(٢) سيأتي تخريجه في أول باب الاعتكاف.
(٣) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٣٩).
(٤) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٩١٢). وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٣٩).
(٥) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>