للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والقولُ بأن التّمتُّع في أشهر الحجّ لا يجوز قولٌ باطلٌ، مخالفٌ للكتاب والسنة المتواترة؛ فإن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بالتمتع في حجة الوداع، وكان هو متمتعًا تمتّعَ قِرانٍ، ولما سئل - صلى الله عليه وسلم -: أَمُتْعَتُنا هذه لعامِنا هذا أو للأبد؟ قال: "لا، بل للأبد، دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة" (١).

وهذا يرد قولَ من قال: كانت متعةُ الحجّ لهم خاصةً، وقولَ من قال: إن آية التّمتّع منسوخةٌ.

وفي "مسند الإمام أحمد" عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: العمرةُ في أشهر الحجّ تامةٌ، عمل بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ونزل بها كتاب الله -عزَّ وجلَّ- (٢).

وأما حديث معاوية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقرن بين حج وعمرة، وفي لفظ: نهى عن جمعٍ بين حج وعمرة، فهو حديث مضطربٌ إسنادًا ومتنًا، ولفظه تارةً ينهى عن القِران، وتارة عن المتعة -يعني: متعة الحجّ-، وهو في "المسند" بهذا اللفظ (٣)، وفيه مَنْ لم يشتهر بالعلم والضبط.

قال الحافظ ابن رجب: فلعل لفظَ الحديث: نهى عن المتعة، والمراد بها: متعةُ النساء، ففسرها بعض الرواة بمتعة الحجّ.

وكذلك الحديث الذي رواه أبو داود عن سعيد بن المسيب: أن رجلًا من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أتى عمرَ بنَ الخطاب - رضي الله عنه -، فشهد أنَّه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي قُبض فيه نهى عن العمرة قبل


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٥١).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٩٢، ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>