للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا معشر قريش! إنكم جيرانُ الله، وأهلُ حَرَمه، وإن الحجاج زوارُ الله وأضيافُه، فترافدوا، واجعلوا لهم طعامًا وشرابًا أيامَ الحج حتى يَصْدُروا، ولو كان مالي يسعُ ذلك، لقمتُ به، ففرض عليهم فرضًا تخرجه قريش من أموالها، فجمع ذلك، ونحر على كل طريق من طرق مكة جزورًا، ونحر بمكة جُزُرًا كثيرة، وأطعم الناسَ، وسقى اللبنَ المحضَ، والماءَ والزبيبَ، وكان قصي يحمل راجل الحاج، ويكسو عاريَهم، وما زال ذلك الأمر حتى قام به هاشمٌ، ثم أخوه المطلب، ثم عبد المطلب، ثم قام به العباس - رضي الله عنه -.

قال ابن الجوزي: أولُ مَنْ أطعم الحاجَّ الفالوذجَ بمكةَ عبدُ الله بن جُدْعان.

قال أبو عبيدة: وفد ابنُ جدعانَ على كسرى، فأكل عنده الفالوذَجَ، قال: فسأل عنه، فقالوا: لُبابُ البُرِّ مع العَسَل، فقال: أبغوني غلامًا يصنعه، فأتوه بغلام، فابتاعه، وقدم به مكةَ، وأمره فصنعه للحاج، ووضع الموائد من الأبطح إلى باب المسجد، ثم نادى مناديه: ألا من أرادَ الفالوذجَ، فليحضرْ، فحضر الناسُ.

قال: وما زال إطعامُ الحاجِّ في الجاهلية وفي الإسلام، وكانت الخلفاء تُقيمه، ولا يكلفون أحدًا من مالِهِ شيئًا، وكان معاويةُ قد اشترى دارًا بمكة، وسماها: "دار المراجل"، وجعل فيها قُدورًا، ورسم لها من ماله، فكانت الجزر والغنم تُنحر، ويطبخ فيها، ويطعم الحاج أيام الموسم، ثم يفعل ذلك في شهر رمضان.

وقد أتى النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - زمزمَ وإن آلَ العباس يسقون ويعملون فيها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا، فإنَّكم على عملٍ صالحٍ"، ثم قال: "لولا أن تُغْلَبُوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>